خمسة وعشرون عامًا تمر على ذكرى جلوس جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين على العرش في لحظة تاريخية ما زال كثير من الأردنيين يذكرونها، ففي ذلك اليوم، كانت المملكة الأردنية الهاشمية تقدم دليلًا جديدًا على ثباتها ومنعتها، وكان الأردنيون يتطلعون إلى مليكهم الشاب بطاقة هائلة من الثقة والأمل، فهو الابن الوفي والمخلص للمؤسسة العسكرية الأردنية التي نذرت نفسها من أجل الأردن والأمة العربية، وهو القريب من الأردنيين، عاش بينهم، وتشكلت خبراته معهم في جميع أطيافهم، وفي شتى المواقف، حلوها ومرها، وكان دائمًا نموذجًا يشي? الفخر والاعتداد بين الأردنيين الذين كان الملك قبل خمسة وعشرين عامًا يمثل لهم ابنًا وأخًا، وأصبح اليوم، أبًا لأسرة من الملايين الذين يعيش معظمهم منتمين بالكامل إلى الجيل الذي يرتبط بعهد جلالة الملك، ففيه ولدَ وعاشَ وتلقى تعليمه وتثقيفه، ورأى الأردن واحًة من الأمن والاستقرار في منطقة صاخبة ومليئة بالمشكلات والأزمات.
كان الأردن في قلب العاصفة كل مرة، ووقف الملك في الصف الأول يقرأ المشهد ويقوم الخيارات ويرسم الأولويات ويوجه الجهود، فكان الأردنيون وكأنهم ملتاذون بحصنٍ منيع يقيهم التوتر والخوف مما يجري حولهم، بل وكان الأردن، بإمكانياته غير الكبيرة، يقدم يد العون للأشقاء العرب، ويقف بشجاعة في طليعة قضاياهم.
تمكن جلالة الملك في خمسة وعشرين عامًا من عهده الميمون في قيادة الأردن للدخول في عصر جديد، فكان الأردن مزامنًا لكل تحديات الحداثة والعصرنة من غير أن يتخلى عن هويته وأصالته، وقدم الأردن أجيالاً من المهنيين المتميزين والمحترفين المؤهلين في شتى القطاعات، فما زلنا نسمع عن كثافة وجود الأردنيين بين الناجحين في الاختبارات الطبية في الدول المتقدمة، وعن أردنيين يتقدمون نجاحات ريادة الأعمال في التكنولوجيا، ومعهم الأردنيون المنتمون إلى جيشنا العربي ومؤسساتنا الأمنية الذين يسهرون على أمن المواطن الأردني، ويشكلون حائط ا?صد المنيع عن المنطقة العربية أمام العديد من التهديدات والمخاطر، وحولهم جميع الأردنيين في شتى المجالات يبدعون ويقدمون أفضل ما لديهم كل في موقعه ومجاله.
هذه المملكة التي أصر جلالة الملك عبدالله الثاني وسعى وبذل جهوده السامية لأن يضعها في هذه المكانة، ومع استكمال البناء والالتزام بالتنمية، كانت مسألة الحريات والتحديث السياسي في مقدمة اهتماماته ليطلق جلالة الملك ويرعى ويتابع ويحتضن مسيرة تجاوزت طموحات الكثيرين تتوجه إلى تفعيل المشاركة لجميع الأردنيين من خلال الأطر المنتجة التي تمكنهم من التعامل مع المستقبل بمنطقه وشروطه. ليتحقق نذر جلالته عند مولده من والده الراحل الكبير جلالة الحسين بن طلال، كان عبد الله الثاني، وكانت المسيرة التي نقف أمامها اليوم بكل فخر ?اعتزاز.
في هذه المناسبة العزيزة على قلوب الأردنيين، عيد الجلوس الملكي، يسرنا أن نقدم للقراء الكرام مختارات من كتاب «الانتقال الكبير: الأردن في القرن الحادي والعشرين.. ازدهار ومنعة» الذي يوثق لأبرز الإنجازات في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله.
لقراءة النسخة الإلكترونية من الكتاب