كم أخطأت حماس في بيانها. طالبت بإطلاق سراح الموقوفين الستة عشر وقالت إن «عملهم لا يدان ولا يجرم بل يحتفى به ويشكر اصحابه.. لما له من دور محوري في التصدي للاحتلال وجرائمه».
هكذا اذن ترى حماس الاردن؟! وكأنها تريد العودة خمسة وخمسين عاما للوراء! هل تذكر قيادة حماس الحالية موقف الاخوان المسلمين في حينه من استخدام الأردن ساحة للعمل المسلح؟! هذا حين كان الإخوان يرفضون اصلا كل ظاهرة العمل الفدائي والمقاومة المسلحة! هل تريد حماس شطب 60 عاما من التاريخ وتجريب المجرب. تصريح حماس يتدخل صراحة في الشأن الأردني الداخلي ويدعم صراحة خروج الناس عن سلطة الدولة والقانون وخرق مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة تحت شعار دعم المقاومة. ماذا يقول نواب جبهة العمل الاسلامي الذين تنافسوا تحت القبة في تأكيد ?لولاء لأمن الاردن واستقراره وحصرية السلاح بيد الدولة؟!
كيف يكون لمتفجرات لا تساوي مهما بلغت حمولة قاذفة صهيونية واحدة ومشاريع صواريخ بدائية لا تساوي شيئا ازاء ما امتلكته حماس في غزة كيف يكون لها دور محوري في التصدي للإحتلال؟!
بالتأكيد لا تنتظر حماس المدد من هذا السلاح الى داخل غزة بل تتوقع استخدامه من على الحدود الاردنية بما لذلك من معنى رمزي لتطبيق شعار اشعال جبهات المواجهة كما حصل في لبنان ورأينا نتيجته الأخيرة!
ولن نقول ان حماس هي وراء مخطط من هذا النوع لكن اصدارها بياناً يثمن «هذه المبادرات» يضعها تماما في صف دعم هذا المخطط أي استخدام الساحة الاردنية لإطلاق انشطة مسلحة وهذا يشطب تماما كل الكلام الفارغ منهم ومن اخوان الاردن عن الحرص على امن البلد وحصرية السلاح بيد الدولة. والعجيب ان حماس تطلق هكذا تصريحات وهي تعايش الفصول الأخيرة من النكبة الكبرى التي يتعرض لها الشعب في غزة وتتجهز لتنازلات لا بدّ منها وفي مقدمتها تخلي حماس عن السلطة المسلحة لوقف الحرب وانقاذ الشعب من المقتلة الكبرى الجارية. فهل تعوض حماس الخسارة ?الشعبوية والعبث بفتح ساحات بديلة؟! وهي اليوم وحصريا الساحة الاردنية بعد اخماد الساحات اللبنانية والسورية واستحالة التنفس على الساحة المصرية؟! هل هذه هي الترجمة الأخيرة لشعار «كل الاردن حمساوية» وللنداءات السابقة للتوجه الى الحدود؟!
لا نشيطن أحداً ولا ندخل في مهرجان تحريض وتأليب والأردن الرسمي لم ينتقد بكلمة حماس في زمن المواجهة المحتدمة مع الاحتلال والاردن كله قيادة وحكومة وشعبا في صف واحد ضد الاحتلال وبوصلتنا واحدة نحو غزة وفلسطين وهدفنا واحد ردّ العدوان الفاشي المجرم لكن كيف يستوي التفكير بحشد كل الطاقات في مواجهة العدوان والحفاظ على الوحدة الوطنية والجبهة الداخلية مع تأييد هذا الاختراق الأمني الذي لا يضير اسرائيل ولا يضرها ولا يغير مثقال ذرة في موازين القوى؟! بل ينبئ فقط بنزوع الى تكرار تجربة خطيرة ومرّة ومكلفة راجعتها ونقدتها واع?برتها اخطاء قاتلة نفس الفصائل التي مارستها في الماضي البعيد؟!
بيان حماس يشطب كل اللغو الذي سمعناه من انصار حماس في الاردن وبيان الحكومة كان حازما حكيما متزنا وقال انه لا يردّ على بيانات فصائل.
لكن وضع الأمور في نصابها داخليا وبالقانون سيكون هو الرد وهو على طاولة البحث بالتأكيد من حيث وضع الإخوان وجبهة العمل والعلاقة مع حماس. فكل علاقات وكل نشاط غير قانوني يجب ان يتوقف نهائيا. لا يمكن ان يستمر وجود هيكل تنظيم خاص للإخوان بلا ترخيص. هناك حزب مرخص تحت القانون هو حزب جبهة العمل لا يجوز أن يكون إلى جانبه وفي ازدواجية أدوار تنظيم غير مرخص ينتخب مراقبا عاما ومجلس شورى ويتوزع على شعب واسر ويمارس انشطة ولديه تمويل بدون غطاء قانوني. كيف ينتقل الأمين العام المنتخب للحزب المرخص الى موقع المراقب العام المنتخ? لجماعة غير مرخصة؟! هذا الوضع غير القانوني يفرخ ثقافة ثم ممارسات خطيرة منها بالضبط ما حدث مؤخرا ويبدو أنه لا سبيل لإنهاء هذا الوضع الا باعتبار الاخوان جماعة محظورة، وهو قررته الحكومة امس، وردّهم الى العمل الوحيد المقبول في دولة القانون والمؤسسات وهو الحزب المرخص.