يكسر لقاء جلالة الملك مع الرئيس الأميركي جو بايدن حالةً من الاستئثار بالتواصل مع الجانب الأمريكي ووضعه تحت سيطرة الصوت الواحد والرأي الواحد، ويبني على التحولات التي شهدتها مواقف قطاع واسع من النخبة السياسية الأميركية خلال الأسابيع الأخيرة، ويعزز من النجاحات الملكية في بناء تحولات جذرية تجاه رؤية الإعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة في العديد من العواصم الرئيسية في العالم دفعتها إلى تبني مراجعات واسعة لأطر التعاون القائمة مع الحكومة الإسرائيلية.
يأتي الوقف العاجل لإطلاق النار في مقدمة المطالب الملكية، ويضغط الملك لتكثيف الوساطة القائمة فعلًا من أجل صفقة لتبادل الأسرى تكون مدخلًا لهدنة تمتد إلى ترتيبات شاملة للتهدئة تجنب المدنيين تواصل الخسائر المرتفعة في صفوفهم، وفي الحد الأدنى ممارسة الأمريكيين لأوراقهم المختلفة تجاه تحقيق التهدئة الميدانية بما يحد من قدرة إسرائيل على مواصلة الأعمال العدوانية، خاصة مع تصاعد الحديث عن اجتياح وشيك على مدينة رفح المكدسة بالنازحين من بقية مناطق القطاع المنكوبة.
ويعمل الملك في الزيارة على الوصول إلى صيغة أكثر فعالية واستجابة للحاجات الإنسانية لأهالي قطاع غزة تضمن تواصل دخول المساعدات وزيادتها بصورة كمية ونوعية بما يمكن القطاعات الخدمية الأساسية، ولا سيما القطاع الطبي، من العودة إلى ممارسة دوره بالصورة اللازمة لمساعدة الغزيين، ويبدي الملك استعداد الدولة الأردنية بجميع أجهزتها ومؤسساتها لأداء الدور الرئيسي في عمليات الإغاثة وتزويد المساعدات اللازمة في القطاع تأسيسًا على خبرة الأردن ومنجزاته في بناء جسر جوي كان بداية جريئة للوقوف بجانب الغزيين وتلبية الاحتياجات العاجلة لأهالي القطاع.
ويتوجه الملك إلى واشنطن بمقاربة عربية شاملة لرؤية متكاملة تجاه الحل المستدام للأوضاع المتفجرة في غزة وبقية المناطق المحتلة في فلسطين على أساس حل الدولتين الذي بدأت الإدارة الأميركية تتخذ مواقف إيجابية تجاهه، وذلك للبحث عن المقاربة التي تضمن الحقوق الأصيلة للفلسطينيين وحقوقهم للعيش بالمستوى اللائق من الاستقرار والكرامة الإنسانية، ويدرك الملك أن المنطقة بأسرها تعوّل على إحداث اختراق كبير على هذا المستوى خاصة أن جلالته وفي مختلف الظروف وأمام جميع الضغوطات بقي متمسكًا وثابتًا في مواقفه تجاه الحل على أساس الدولتين الذي يضمن للفلسطينيين العيش في دولة ذات سيادة عاصمتها القدس الشرقية، بما يمنح الأردن لإصراره على الاقتراب من الهموم الفلسطينية ومساندته المستمرة للحق الفلسطيني صوتًا مسموعًا لدى مختلف القوى المؤثرة في العالم عمل الملك على توظيفه بصورة مبدئية ودائمة وبكل ضمير مخلص وصادق لمصلحة الشعب الفلسطيني واضعًا نصب عينيه قناعة وطيدةً أن استقرار المنطقة بأسرها وضمان حياةً أفضل للأجيال المقبلة يرتبط جوهريًا بالقضية الفلسطينية وإعلاء قيم الحرية والعدالة والعيش المشترك.