بيروت - الرأي - سيمون نصار - بعد فشله في دخول البرلمان اللبناني اعتزل الدكتور سليم الحص العمل السياسي في لبنان، دون أن يتخلى عن المواقف اليومية التي يطلقها وتندرج بحسب رأيه في صميم العمل الوطني. لكن الرئيس الحص ما يزال يمثل فريقا لبنانيا يحمل آراء عديدة في مجمل الشؤون السياسية التي تدور في لبنان.
اليوم، فإن الرئيس الحص يكثر من مواقفه، واللقاء كان قبيل عقده مؤتمرا صحافيا تلا في رسالة الى الحكام العرب وموقفهم من الصراع الناشب بين اسرائيل وحزب الله.
- كيف تقيم وضع النزاع السياسي بعد إنتهاء هذه المعركة ؟
المهم أن تنتهي هذه الحرب على لبنان.وإذا ما انتهت فاللبنانيون كفلاء في ترتيب أمورهم السياسية، فنحن لنا تاريخ طويل من التفاهم والإختلاف.
نحن قادرون على التفاهم وعلى عقد حوار وطني وعلى التفاهم على كافة المسائل المطروحة في السجال السياسي الدائر قبل أن تبدأ هذه الهجمة الحاقدة على بلدنا وبعد أن تنتهي.
- هل تعتقد بأن بعض الأطراف في لبنان كان يمهد لهذه الحرب على طاولة الحوار، حيث كان الحديث عن نزع سلاح الحزب أو دمجه ضمن الجيش الوطني، وأيضا ألا ترى أن هذه الأطراف تلقت توبيخا من كوندوليسا رايس يوم جاءت الى لبنان لسبب أن فريقها في لبنان أخفق في مهمته ؟
السؤال يتطرق الى مشروع الشرق الأوسط الجديد. وفي هذا الأمر أريد أن أقول كلمتين، كيف تدعي أميركا في لبنان وتدعي على شعوب المنطقة برمتها أن تطرح مشروعا لم تجشم نفسها عناء شرحه. في العالم العربي لا أحد يعرف ما هو الشرق الأوسط الجديد. هم يريدون أن يملوا على الشعوب العربية مصيرها من دون أن تعرف ما هية هذا المصير. كيف تكون الديمقراطية، الديمقراطية هي حكم الشعب. هم يريدون أن يفرضوا علينا مشروعا لا نعرف عنه أي شيء على الإطلاق. هذا مشروع عجيب. لكن ما أعلمه أنا، أن هذا المشروع للقضاء على شيء أسمه عروبة. بمعنى أنه بمجرد الحديث عن شرق أوسط يعني أنك سلخت بعض العرب عن البعض الآخر. فهم يستبعدون في هذا المشروع عرب شمالي أفريقيا عن القلب، ويريدون أن يضموا لنا شعوبا غير عربية ربما تركيا وإيران وربما قبرص وبالتاكيد اسرائيل.
إذا حين يتحدثون في هذا الموضوع هم يقصدوا فصل العرب عن بعضهم البعض.
هكذا نفهم هذا الشرق الأوسط. نحن نريد عالما عربيا جديدا وليس شرق أوسط جديد.
- البعض يعتقد أن فشل المشروع الأميركي هو بسبب أنهم لم يعطوا للفسطينيين دولة قابلة للحياة. وبالتالي فشلت مجمل مشاريعهم ؟
هذا صحيح، لب الموضوع السياسي العربي هو قضية فلسطين التي نسميها القضية المركزية. ماذا حصل فيها لا شيء. أميركا فشلت، نعم. وأعتقد أن أميركا عودتنا على الفشل. فالدولة العظمى في العالم لم تربح في أي حرب منذ العام 1945 وهي انتصرت يوم ألقت قنبلتين ذريتين فوق هيروشيما وناكازاكي، ومنذ ذلك الوقت لم تنتصر في أي حرب، وهي أعظم قوة في العالم. بعدها لم تنتصر أبدا، فقد خاضت الولايات المتحدة حربا في كوريا وفشلت بأن أصبحت كوريا كوريتين ولو انتصرت لما حصل الإنقسام. وفي فيتنام كذلك نفس المصير. وأنزلت المارينز في كل مكان في العالم من أوروبا حتى أميركا اللاتينية. وأنزلت في مطار بيروت وعند أول تفجير غادرت. وفي أفغانستان وفشلت، وفي العراق غطست في مستنقع ولا تعرف كيف تنتهي منه.
- يعتقد البعض بأن صمود حزب الله طوال ثلاثة أسابيع أمام الضربة الإسرائيلية وتصديه لها. هو نوع من الإنتصار ولكن على الأرض وأن ثمار هذا الإنتصار السياسية ذاهبة الى المحور السوري الإيراني. هل تتفق مع هذا الطرح ؟
هذا القول يراد منه التقليل من أهمية إنتصار حزب الله. وهل يعني إذا انتصرت اسرائيل أنها ستكون وحدها المنتصرة، أليس وراءها الولايات المتحدة. يعني يحرم علينا دعم سوري وإيراني ويباح كل الدعم لإسرائيل.
ومن ناحية ثانية أجد أن هذا الرأي يقصد إضعاف الساحة الداخلية فالقصد هو إضعاف موقع المقاومة. نحن نرحب بدعم أي دولة شقيقة وصديقة.
- لكن سوريا منذ غادرت لبنان في العام 2005 رسميا، رفضت رفضا قاطعا الإعتراف بالدولة اللبنانية واستقبال رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وكأنهم لا يعترفون بالدولة اللبنانية ؟
ليس مطلوبا مني، لا تفسير ولا تبرير المواقف السورية، أنا يهمني بلدي الذي يحترق ويهدم اليوم. وما تسألني عنه قصته طويلة جدا. البعض يقول أن سوريا دعت السنيورة الى زيارتها وهو لم يذهب، والدعوة حملها رئيس مجلس النواب نبيه بري. لا أريد قول شيء لا الدفاع عن هذا الطرف أو ذاك.
- جاء وزير الخارجية الإيراني وقال أنه يسعى لوقف إطلاق النار ولم يوافق على النقاط السبعة التي طرحها رئيس الوزراء في روما ولاقت إجماعا حكوميا، كيف يمكن للإيراني المجيء الى لبنان ويدخل نفسه في الصراع الدائر دون أن يذكر في أي تصريح الدولة اللبنانية ؟
أنت تريد أن اعطيك رأيا ضد إيران، ولن أعطيك ذلك. العالم كله يتحدث بإسم لبنان دون أخذ الإذن منه. القمة الثمانية في سان بطرسبورغ أخذت رأي لبنان حين تحدثت بإسمه من دون أن تطلب الإذن، فرنسا يوميا تقرر عنا ما نريده وما لا نريده، اسرائيل تقرر عنا والجميع يقرر عنا، إيران تعطي وجهة نظرها التي قد نوافق عليها وقد لا نوافق.
- إذا توافق أو لا توافق ؟
حاليا لا يمكنني أن أقول رأيا محددا ولحين ذلك هناك حديث آخر.
- كيف تتوقع مستقبل حزب الله داخل الدولة اللبنانية بعد هذه المعركة ؟
أنا أتصوره قوة سياسة محترمة.
- وعسكرية ؟
بالنسبة لقوته العسكرية فإن هذا يتوقف على كيف تنتهي هذه الأزمة. إذا انتهت هذه الحرب بتحرير الأسرى وتحرير مزارع شبعا وضمانات من المجتمع الدولي أنه لن يكون هناك إعتداءات إسرائيلية على لبنان، أنا أعتقد وفق هذا البرنامج يستطيع حزب الله ان يعلن أنه حقق الأهداف التي قاوم من أجلها. وعليه أن يعلن بعدها تخليه عن السلاح.
- هل تؤيد تطبيق إتفاقية الهدنة خاصة وأن الهدنة جزء من مشروع الطائف ؟
إتفاق الطائف صدر عام 1989 في وجود الإحتلال الإسرائيل للبنان، وحتى العام 2000 كانت اسرائيل موجودة. ومن الطبيعي أن تكون الحالة التي نعيشها قائمة، والى أن يوقع على تسوية نهائية بين جميع الأطراف لا بد من وقف إطلاق نار منظم يسمونه إتفاق الهدنة.
- عدد غير محدود من السياسيين يعتبرون أن حزب الله أدخل لبنان في حرب مرتجلة وأنه لا يملك الحق بذلك، ومن المفترض أن ينزع سلاح هذا الحزب ويمارس دورا سياسيا كما الآخرين ؟
هل حزب الله هو الذي دمر البلد أم إسرائيل. الغارات الإسرائيلية متواصلة. وهو حتى لم يعطي الذريعة لهم. لنفرض جدلا أن مجرما لبنانيا قتل مواطنا اسرائيليا هل هذا كاف لتدمير بلد وقتل سكانه. وحزب الله أسر جنديين لكي يبادل بهما أسرانا وتاريخ اسرائيل حافل بالتبادل أخرها كان العام 2003 إن أسرى بأسرى أو أسرى بجثث. وهو حين أسر هذه المرة كان يهدف الى المبادلة. لماذا جاز التبادل في المرات السابقة وهذه المرة لا يجوز. لماذا لم تبادر اسرائيل بالتبادل أعتقد لأن المشروع التدميري للبنان قراره مبيت.
- هل تعتقد بأن السجال السياسي سيكون حاميا بين الفريقين السياسيين في لبنان ؟
من الطبيعي ذلك. لا شك أن السجال السياسي سيحتد في البلد وسيكون طويلا ومعقدا، اللبنانيون لم يكونوا طوال تاريخهم متفقين على أمور عديدة.
لكن ما يهمنا الآن انتهاء هذه الحرب ونحن كفلاء بأنفسنا.
- يعتقد بعض قوى 14 آذار أن طرح الأقلية لمشروع حكومة طوراىء هو نوع من الإنقلاب على حكومة السنيورة وبالتالي السيطرة على البلد من خلال التدخل في الوضع القائم ؟
لا أقيم أي اعتبار لأي عامل إيراني سوري على الإطلاق. أنا أعتقد بأن هذا الطرح جيد وحين نتحدث عن حكومة طوارىء وطنية يعني أننا حكومة لبنانية لا دخل لها بالآخرين.
- لكن لا يمكنك إلغاء الإرتباطات بالأصدقاء ؟
ومن قال إن الإرتباطات هي فقط مع سورية وإيران، يوجد ارتباطات مع اميركا، من اجتمع في السفارة الأميركية مع كوندوليسا رايس، هذا الموضوع يتعلق بكافة اللبنانيين. لا يجب أن نتهم فيها فريقا معينا، ولماذا مرذول التعاون مع سورية وإيران ومسموح التعاون مع أميركا. يوجد أشخاص كرموا بولتون هل هذا مشرف. أعتقد أن لبنان يملك حجما استراتيجيا أكبر من حجمه الديمغرافي والجغرافي، ولدينا إعلام فعال جدا الجميع يحسب حسابه. هذا الأمر جعل لبنان عرضة للتدخلات. ونحن نتعرض لهذه التدخلات من قبل الجميع، علينا أن نتحمل.
- إذا بحسب ما تقوله لن تقوم دولة في لبنان، وهذا يعني ان لبنان مستباح بالكامل مع جاره الإسرائيلي وجاره السوري ومن الإيراني الذي يسعى الى التوسع في قلب المنطقة العربية من خلال لبنان ومستابح من أميركا وفرنسا وبريطانيا، إذا أين الدولة في لبنان هل هي موجودة ؟
هذا السؤال بمحله تماما خاصة في هذه الظروف. لكن نحن طموحنا مختلف. أن أقول بأننا نتصرف لا كدولة ووطن بل كطوائف وهذه هي قبائل العصر الحديث.
فالمواطن هنا ولاءه للطائفة وليس للوطن. وشتان هنا ما بين الدين والوطن والطائفية. نحن والمسيحيون دينيا نتفق على مباديء إنسانية رفيعة مثل المحبة وغيرها. طموحنا أن نغلب روح المواطنة على الطائفية.
- هنا بالتحديد نجد مدخلا للمشكلة القائمة حاليا حول الشحن الطائفي الحاصل بين السنة والشيعة في لبنان، لدرجة أن الكره بات موجودا بين هاتين الطائفتين، واليوم بعد ما قام به حزب الله زاد كثيرا منسوب الكراهية في الشارع السني ؟
أنا لا أقبل بكلمة كراهية، ذلك أن فيها الكثير من المبالغة. يوجد إنقسامات طائفية ومذهبية في البلد. نعم هذا صحيح. وليس صدفة أبدا، فبعد ما حصل في العراق كل شيء وارد في لبنان، متى كنا نسمع في العراق عن إنقسامات طائفية فقط منذ دخول الأميركيين. منذ أن وضعنا تحت المظلة الأميركية بتنا نسمع عن انقسامات طائفية.
- في حال طلب منك ترأس حكومة الطواريء هل تقبل ؟
أنا استقلت من العمل السياسي لكني لم استقل من العمل الوطني، ولذلك لا يمكنني بعد إعلان هذا الأمر الدخول في أي حكومة أنا أعبر عن مواقف وطنية همها الوطن لا أي شيء آخر. أتحدث في السياسة دون أي مأرب سياسي.
لا أريد أن أطلب أي شيء لنفسي، ومن يطلب أمرا لنفسه عليه أن يدفع الثمن بالمقابل، أنا لا أريد ذلك.