وأنت تستمع إلى كلمات بعض النواب وهم يدافعون عن جماعة الإخوان ومواقفهم "النبيلة" و"حرصهم الشديد" على الوطن، تصيبك حالة من "الانفصام الذهني"، وتراودك للحظة شكوك في "قدراتك العقلية"، وتساؤلات أبرزها هل كانت تصرفاتهم وسلوكياتهم السلبية من قبل روبوتات تدار بالذكاء الاصطناعي؟
لا، لا، ليس هم جماعة "الإخوان" من رفضوا وما زالوا يرفضون رفع العلم الأردني في وقفاتهم "الموجهة"، وليس هم من حرفوا الأغاني الوطنية ونسبوها لاشخاص في الخارج، وليس هم من "يشتمون" أجهزتنا الأمنية، ويهتفون بتخويننا، ويتهموننا بالتآمر والتخاذل عن نصرة غزة، وليسوا هم من يحرضون يوميا على "اقتحام" البعثات الدبلوماسية، والذهاب إلى الحدود بهدف إحراجنا والاشتباك مع رجال الأمن لإحداث الفوضى.
الروبوتات بالذكاء الاصطناعي هي من كانت تعطل الحياة التجارية والسياحية في الرابية والصويفية والبلد، وهي من كانت تكسر المركبات والممتلكات، وترمي المولوتوف، وتتلثم لتلقي الحجارة على رجال الأمن، وهي التي تخرج على الفضائيات الخارجية لتلفيق الأكاذيب والادعاءات الزائفة بحق الأردن، ولعل من أبرزها الادعاء بأننا نمنع الصلاة ونغلق المساجد، وأننا أقمنا جسراً برياً مع الاحتلال ونصدر لهم الغذاء.
وليست هي ذاتها جماعة الإخوان التي لا تترك مناسبة إلا و"تتهم الدولة" بشن حملة اعتقالات للمشاركين في الوقفات التضامنية مع غزة، وليسوا هم من "استبقوا الإعلان" عن المخطط الإرهابي بملصقات ومطالبات تطالب بالإفراج عن من وصفوهم بـ"معتقلي الرأي"، بهدف خلق الشكوك حول الرواية الرسمية التي كشفت مدى حقدهم على الوطن، ولأجل إرضاء أسيادهم في الخارج.
ليس الإخوان من استغلوا قضية غزة في الحملات الانتخابية، وليس هم من صوروا تبرعاتهم ومزاوداتهم، ثم مولوها على منصات التواصل، بهدف شحذ الأصوات وجذب المتعاطفين، وليس الإخوان من أشبعونا بطولات خلال العام ونصف العام الماضيين، وليس هم من يؤججون الفتنة والإقليمية بهتافات تستفز الأردنيين وثوابتهم.
كل هذه الأفعال والممارسات اتضح لي أنها كانت بفعل "الذكاء الاصطناعي"، بعد كلمات بعض النواب التي تبدو للبعض وكأنها صيغت فعلا بالذكاء الاصطناعي، فقد تحدثوا عن جماعة الإخوان المحظورة والمنحلة، بصورة أظهرت مدى "الظلم" الذي لحق بها و"الهجوم" عليها ومدى قساوتنا عليها، وهنا أسأل: كيف لحزب أردني أن يؤيد جماعة تبين أن أفراداً منها شاركوا في مخططات ارهابية ضد الأردنيين؟ أم أن من تم القبض عليهم اعترفوا بأنهم من الاخوان بالذكاء الاصطناعي.
خلاصة القول؛ ثمة مثل شعبي يقول "اسمع كلامك أصدق، أشوف أفعالك أتعجب"، ومثل آخر يقول "اللي ما بشوف من الغربال أعمى"، ولهذا لن أصدق كلامكم إلا بعد أن يترجم إلى أفعال، أولها عدم رفع أعلام غير العلم الأردني في الوقفات، ووقف هتافاتكم ضد رجال الأمن وتخوين الوطن، وأن أسمع شبابكم يغنون للوطن وأفعاله الصادقة، وعندها ربما أصدق أن كل أفعالكم السابقة كانت من "الذكاء الاصطناعي" وليست بشرية.