فيما تشهد دول كثيرة في الاقليم والعالم انقطاعاً بالسلع وارتفاعاً بالأسعار وسقوطاً للعملات والأسواق المالية فيها وانتشار الفوضى والدمار والحروب والنزوح، إلا اننا في الاردن ولله الحمد أكبر همومنا هي أسعار"القهوة» ومن اين نشتريها ولماذا ارتفعت، وهنا السؤال لماذا لا نشعر بالنِّعم؟!
تخيلوا ان تصبح القهوة أزمة ومثار جلبة وحديث الرأي العام، في وقت نشهد فيه على كوارث ومجاعات في العالم، وهنا لابد من التأكيد على النعم والراحة والسكينة والاستقرار الذي نعيشه وننعم به، بينما لا يشعر فيه البعض ممن يتذمرون ويشكون ويعممون السلبية بمجتمعنا، وهذا كله فقط لانهم «ألفوها"واعتادوا عليها بدليل ان القهوة اليوم من اكبر التحديات امامنا.
حالة التذمر والتهكم ودعوات المقاطعة ومطالبة الحكومة بالتدخل التي غزت وسائل السوشال ميديا والاعلام وصفحات الخبراء والمحللين، جعلتني افكر فعلا بحجم النعم وحالة الاستقرار التي نعيشها في المملكة مقارنة بما يعيشه غيرنا في دول كثيرة في العالم والمنطقة التي اصبحت تعاني من ويلات كل شيء؛ تضخماً واقتصاداً ومعاشاً ومعيشة.
قبل سنوات ليست طويلة لم تكن القهوة التركية منتشرة لا في الشوارع ولا في البيوت، فقط كانت تختصر على «القهوة السادة العربية"ولغاية الضيافة، وكانت تباع بالشوارع بمسمى «قهوة صب» وفي اماكن محددة، ما يعني ان تناول «القهوة التركية» ليس عادة اجتماعية متوارثة ولا اساسية، الامر الذي يدل على اننا قادرون على الاستغناء عنها متى شئنا ودون أضرار.
ومع ذلك ارتفاع اسعار القهوة محليا هو انعكاس لارتفاعها عالميا لاكثر من الضعف، ما انعكس بالتالي على اسعارها لدى المستوردين والتجار وبائعة التجزئة، فمنظمة الفاو اعلنت أن أسعار البن العالمية سجلت أعلى مستوياتها وبنسبة 38.8% لسوء الأحوال الجوية، متوقعة ارتفاع اسعارها العام الحالي في حال شهدت المناطق الرئيسية للإنتاج تراجعا جديدا.
خلاصة القول؛ أزمة القهوة التي أثارها النشطاء والمتذمرون طيلة الاسابيع الماضية تذكرنا بامر مهم، يكمن باننا بالاردن «لم نعش ازمة» على الاطلاق بفضل الله اولا والجهود الملكية التي تبذل في سبيل ابقاء هذا البلد عزيزا عظيما كريما معززا رغم قله الامكانيات والموارد، حتى اصبحنا مضرب المثل بالاستقرار والتطور بكل شيء وبمختلف المجالات، ولهذا فلننعم بالايجابية ولنحمد الله على نعمه.. اذا ما كانت القهوة اكبر همومنا في هذا الاقليم والعالم المضطرب.