منذ اندلاع العدوان الاسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023، قاد الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني جهوداً متعددة الأوجه لدعم الشعب الفلسطيني، تجسَّدت في إغاثة إنسانية مكثفة، ودبلوماسية نشطة، ومواقف سياسية ثابتة، فكان من اهم الفاعلين الرئيسيين في دعم الشعب الفلسطيني، سواء عبر العمل مع القوى الدولية الفاعلة لوقف العدوان على الاشقاء في غزة والضفة الغربية او المساعدات الإنسانية أو الجهود الدبلوماسية أو التمسك بالحقوق الفلسطينية والدفاع عنها.
وطوال الشهور الماضية تحديداً، حرص الأردن على تقديم مساعدات إنسانية مكثفة لسكان غزة عبر الجسور الجوية والبرية. ففي نوفمبر 2023، أطلقت المملكة العديد من الحملات لجمع التبرعات ولتجهيز وارسال المساعدات، والتي أسهمت في إرسال آلاف الاطنان من المواد الغذائية والأدوية جوا وبرا، بالتعاون مع العديد من الدول والمنظمات الدولية التي كان من اهمها الأونروا، كما جهّزت المستشفيات الأردنية في غزة والضفة الغربية بمستلزمات طبية عاجلة، وأرسلت فرقاً طبية متخصصة لعلاج الجرحى، خاصة الأطفال، الذين شكلوا ما يقارب 40% من الضحايا وفق تقارير الأمم المتحدة.
في المسار السياسي والدبلوماسي الذي لا يقل أهمية عن المسار الإنساني؛ قاد الملك عبدالله الثاني جهوداً دبلوماسية استثنائية مؤكداً في كل لقاءاته مع الزعماء الاقليميين والدوليين وكذلك في خطاباته في المحافل الدولية على تنوعها ومنها خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2024 أن «الحل العادل للقضية الفلسطينية يبدأ بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية»، معارضاً أي محاولات لتهجير سكان غزة أو تغيير الوضع الديمغرافي فيها. كما شارك الأردن بشكل فعّال في الوساطات الدولية لوقف إطلاق النار وضرورة حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات.
وفي سياق الدور التاريخي الذي حمله الهاشميون في الدفاع عن المقدسات، تمسك الأردن بدوره كـ«وصي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس»، وفي الوقت الذي واجه فيه إجراءات الاحتلال وممارسات اليمين المتطرف لتغيير الحقائق على الأرض، واصل الملك عبد الله الثاني الجهود على المستويين الإقليمي والدولي لحشد الدعم الدولي في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية بالمسجد الأقصى، مؤكداً أن «القدس خط أحمر»، كما دعم الأردن قرارات دولية تدين التوسع الاستيطاني، وأعلن عن تمويل مشاريع إعمار في البلدة القديمة بالقدس بقيمة 10 ملايين دولار.
في ملف التهجير، عارض الأردن قيادة وحكومة وشعباً بشكل قاطع أي خطط لتهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية، وعارض مقترحات دولية مثل «صفقة القرن» أو ما أُشيع عن نوايا نقل سكان القطاع إلى سيناء. وفي فبراير 2025، رفض الملك عبد الله الثاني لقاءً مع مسؤولين أمريكيين لمناقشة مثل هذه المقترحات، مؤكداً أن «الأردن لن يكون جزءاً من أي حل يُفقد الفلسطينيين حقوقهم»، كما دعا إلى ضرورة تكاتف جهود المجتمع الدولي لاجبار إسرائيل على الالتزام بالقانون الدولي.
إلى جانب ذلك كله، عمل الأردن على تعزيز الاقتصاد الفلسطيني عبر اتفاقيات تجارية مُيسَّرة، مثل زيادة حصص المنتجات الفلسطينية في السوق الأردني بنسبة 30% منذ 2023. كما أطلق صندوق التنمية الأردني الفلسطيني مشاريع لدعم الأسر المتضررة في غزة، باستثمارات أولية بملايين الدولارات.
هذه الحقائق، وسواها الكثير الكثير مما يصعب حصره، تؤكد أن جهود الأردن لم تكن مجرد ردود فعل على الأحداث، بل هي استمرار لموقف مبدئي وسياسة ثابتة تجسدت في الرؤية الملكية القائمة على «السلام العادل» ورفض اللااستقرار الإقليمي. إذ قدَّم الأردن نموذجاً فريداً في الجمع بين الإغاثة الإنسانية والدبلوماسية النشطة، مدعوماً بموقف شعبي يرفض تصفية القضية الفلسطينية ويؤمن بحقوق الفلسطينيين. ورغم التحديات الاقتصادية التي تواجه المملكة، إلا أن دعمها لفلسطين ظل أولوية وطنية وقومية، تؤكد أن القدس وفلسطين ليستا قضية شعبين فحسب، بل قضية أمة.