خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

رمضان أم ماراثون درامي؟

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
عمران السكران

كل عام ومع حلول شهر رمضان، يفترض أن يكون هذا الشهر فرصة للتأمل والعبادة والتواصل العائلي، لكنه تحول إلى سباق محموم بين القنوات التلفزيونية، التي تتسابق في عرض أكثر من 122 مسلسلا وبرنامجا تلفزيونيا، حتى أصبح الصيام لا يكتمل عند البعض إلا بوجبة دسمة من الدراما بعد الإفطار!

كان رمضان شهرا للروحانيات في سالف العصر والأوان، تكتظ فيه المساجد بالمصلين، وتمتلئ البيوت بأجواء الألفة، وتحيى فيه ليالي السهر والذكر والدعاء، أما اليوم، فقد تحول الشهر الفضيل إلى مهرجان درامي بامتياز، تتسابق فيه القنوات على تقديم أكبر عدد ممكن من المسلسلات، حتى أصبح الواحد منا يحتار: هل نصلي التراويح أم نتابع الحلقة الجديدة من المسلسل الذي يتصدر الترند؟

يجلس أفراد العائلة على مائدة الإفطار، لكن بدلا من تبادل الأحاديث العائلية، تتسابق الأيادي إلى أجهزة التحكم عن بعد، فالمسلسل الفلاني بدأ، وتليه حلقة أخرى من العمل الرمضاني الأضخم، ليصبح السؤال الأكثر تداولا في اللقاءات العائلية: "تابعت الحلقة أمس؟" وكأن هذا هو الحدث الأهم في الشهر الفضيل!

زمان، كانت الزيارات العائلية فرصة لصلة الرحم وتبادل الأحاديث الودية، أما اليوم، فتحولت إلى استوديوهات تحليلية متخصصة في المسلسلات الرمضانية، الجلسة تبدأ بحديث عن الأوضاع العامة، ثم سرعان ما ينحرف المسار إلى النقاش الحاد حول المسلسل الأكثر تشويقا، ويتحول الضيوف إلى نقاد دراميين محترفين، بينما يجلس كبار السن في الزاوية، يتساءلون بحسرة: هل بقي شيء يجمعنا غير التلفاز؟

الأسوأ من ذلك أن الزيارات العائلية لم تعد كما كانت، فالجلوس مع الأقارب أصبح مرهونا بعدم تعارضه مع موعد المسلسل المفضل، وإن حدثت الزيارة، تتحول الجلسة إلى مناقشة مجريات الحلقات، وكأننا في قاعة تحليل استراتيجي للأحداث الدرامية، في حين تهمش القضايا الأسرية الحقيقية، وتؤجل الأحاديث ذات القيمة إلى أجل غير مسمى.

أما الأطفال، فقد أصبحوا خبراء في أسماء الأبطال وأحداث المسلسلات، وربما لا يعرفون شيئا عن قصص الأنبياء أو فضائل الشهر الكريم، فيما تحول السهر إلى عادة إجبارية لمتابعة الحلقات التي تمتد لما بعد منتصف الليل، لتبدأ بعدها رحلة الشكوى من التعب صباحا.

رمضان الذي كان شهر الرحمة والتواصل الروحي، أصبح تحت رحمة الإعلانات المبالغ فيها، والفواصل التجارية التي تحولت إلى مائدة دسمة من الاستهلاك، و أسيرا للشاشات، حتى بات المشاهد يصوم عن الطعام لكنه يلتهم عشرات الحلقات بنهم لا يقل عن الإفراط في تناول الحلويات الرمضانية.

ويبقى السؤال الأهم: هل نحتاج فعلا إلى 122 عملا تلفزيونيا في شهر واحد؟ أم أننا بحاجة لإعادة النظر في أولوياتنا الرمضانية قبل أن تتحول العبادة إلى مجرد ديكور موسمي في الخلفية؟ وهل نريد أن يكون رمضان فرصة لاستعادة القيم والعلاقات الأسرية، أم نفضل أن يظل ساحة لسباق المسلسلات؟

القرار في يد المشاهد، وإن كان الواقع يشير إلى أن الحلقات القادمة من دراما رمضان "لا تزال مستمرة"، وربما بمواسم إضافية!

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF