-وصلت الإدارة «الترامبية او الترانسفيرية» كما يحلو للكثيرين تسميتها إلى السلطة في الولايات المتحدة في ظل اتساع عجز الموازنة الفيدرالية الأميركية الذي يتوقع أن يصل إلى (٨٤٠) مليار دولار خلال الثلث الأول من السنة المالية الحالية، مدفوعاً بزيادة الإنفاق في مجالات: الرعاية الصحية، الضمان الاجتماعي، التحويلات الموجهة للمحاربين القدامى ومدفوعات الفوائد على الديون.
-بهدف تقليص العجز شدّد (إيلون ماسك/ مستشار الرئيس الأميركي) الذي يقود جهود خفض الإنفاق الفدرالي على أنّ الولايات المتحدة ستفلس من دون اقتطاعات في الموازنة، ما دفع الإدارة الأميركية لاتخاذ سلسلة من الإجراءات تضمنت:
. خفّض الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة بشكل سريع لمواكبة الرسوم الجمركية التي يريد الرئيس فرضها على الواردات.
. تقليص حجم القوى العاملة الفدرالية التي يبلغ عددها (٢،٣) مليونا لخفض الانفاق والتي استجاب لها (٧٥) ألف موظف اتحادي على برنامج الإدارة الأميركية للمغادرة الطوعية.
. إغلاق او تقليص نشاط (الوكالة الأميركية للتنمية الدولية) بسبب تهم بالفساد وهدر المال العام، وتخصص الموازنة العامة لها (٧٠) مليار دولار كمساعدات دولية لادارة برامج في (١٢٠) دولة بما فيها أفقر مناطق العالم من خلال (٢٠) ألف موظف.
. التوجه لإغلاق الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ ونقل مهامها إلى سلطات الولايات بسبب بطء وضعف الاداء، وانتقاد الإنفاق غير العادل للوكالة على مناطق مؤيدة للحزب الديمقراطي في الكوارث والأزمات.
. التوجه لاغلاق وزارة التعليم المصنفة (٤٠) على مستوى العالم رغم أن أميركا الأعلى مستوى بالإنفاق على التعليم.
. تكليف (وزير الخارجية/ ماركو روبيو) بإعادة تنظيم الخدمات الدبلوماسية لضمان التنفيذ الفعال لبرنامجه في السياسة الخارجية من خلال ما وُصِف ب «التخلص من الدولة العميقة وطرد البيروقراطيين غير المخلصين»، والحفاظ على قوة عاملة من «الوطنيين» لتنفيذ هذه السياسة بشكل فعال، ومحاسبة وإنهاء تعاقد كل من يتقاعس بتنفيذ برنامج الرئيس.
. اخيرا والأهم، وجه البنتاغون الجيش لإجراء تخفيضات في الأنفاق العسكري مجموعها (٥٠) مليار دولار من موازنة السنة المالية (٢٠٢٦) لإعادة توجيهها تماشيا مع أولويات الدفاع الوطني، وحذّر (وزير الدفاع/ بيت هيغسيث) حلف (الناتو) من الافتراض بأن وجود القوات الأميركية في أوروبا سيدوم إلى الأبد، وحثها على إنفاق المزيد على الدفاع، ما أثار مخاوف الأوروبيين من إغلاق بعض القواعد العسكرية الأميركية في أوروبا والتي يبلغ عددها (٣١) قاعدة تعمل تحت اسم القيادة العسكرية الأميركية في أوروبا (أوكوم) تماشيا مع العقيدة العسكرية الجديدة للبنتاغون بالتواجد بشكل اكبر في الساحل الشرقي الآسيوي لمحاصرة الصين، وكان تقرير للمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية (IISS) ومقره لندن اشار قبيل انعقاد مؤتمر ميونيخ للأمن (٢٠٢٥) إلى ارتفاع الإنفاق العسكري العالمي عام (٢٠٢٤) ليصل إلى (٢،٤٦) تريليون دولار، وتصدرت الولايات المتحدة دول العالم بفارق كبير، وتراوحت قيمة الأنفاق العسكري لها ما بين (٩١٦-٩٦٨) مليار دولار.
-سياسة تقشف الإدارة الأميركية في المجالات العسكرية والإدارية والإنسانية، ومحاولة إضعاف او تفكيك الدولة العميقة من شأنه الانشغال بالداخل في محاولة لتعزيز سيطرة الجمهوريين على السلطة وإضعاف الحياة الديمقراطية، وهو ما حذر منه الديمقراطيون والرئيس السابق (جون بايدن).
-تراجع المساعدات الخارجية للدول الحليفة قد يكون مؤشرا على أن واشنطن لن تمول المزيد من الحروب في العالم وفي مقدمتها الحروب التوسعية الإسرائيلية وإن أعطت واشنطن الانطباع بغير ذلك، وسيتاثر الأردن بتراجع الدعم الأميركي، الأمر الذي يدفع باتجاه الاعتماد على الذات بشكل أكبر، وتنويع العلاقات ومصادر الدعم بما يعوض حجم الفاقد من المساعدات الأميركية، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة خلق مصالح استراتجية مع دول الجوار ودول مجلس التعاون الخليجي التي باتت تمتلك اليوم أكبر صناديق استثمارية على مستوى العالم.