خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

هكذا نفشل مخطّطات التهجير

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
أ. د. صلاح العبادي

شكّلت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتعلقة بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزّة إلى الأردن ومصر، صدّمة للمجتمعين العربي والدولي.

تصريحات ترامب ونتنياهو لاقت معارضة واسعة من قبل الأردنيين والمصريين، والفلسطينيين أنفسهم، الذين يخشون من تكرار سيناريو نكبة ١٩٤٨.

ترامب كان واضحاً في بداية حديثه وهو يتحدث عن واقع قطاع غزّة المدمّر بفعل آلة الحرب الإسرائيليّة، وما يحتاجه من إعادة إعمار. لكنّ فكرة التهجير غير واردة في قاموس أهالي القطاع المنكوب، لأنّ الحلّ العادل للقضيّة يتمثل في إقامة دولتهم مكتملة السيادة.

مشاورات عربيّة تجري حالياً بين وزراء الخارجيّة العرب لبحث عقد قمة عربيّة طارئة خلال الشهر الجاري في القاهرة، لبحث التداعيات الخطيرة لتصريحات ترامب ونتنياهو، والخروج بموقف عربي موحد لمجابهة هذهِ التصريحات والمخططات الرامية لتهجير الفلسطينيين.

الموقف العربي المتعلق في تصورات اليوم التالي في غزة يجب أنّ ينطلق من رؤية واضحة تنطلق من ضرورة أنّ تكون الرؤية في إطار وحدة الضفة الغربية وقطاع غزة معاً، وأنّ تشمل عودة السلطة الفلسطينية للسيطرة على القطاع.

وكذلك ضرورة بقاء السكان الفلسطينيين في غزّة خلال مرحلة التعافي من تبعات الحرب وإعادة الإعمار، وضرورة استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة المتصلة جغرافياً على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً للمرجعيات الدوليّة.

المرحلة الحالية تتطلب موقفاً عربياً ودولياً موحداً لتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزّة، واستمرار تبادل إطلاق سراح الرهائن والمحتجزين للانتقال للمرحلة الثانية، وضمان انسيابيّة وصول المساعدات الإنسانيّة إلى القطاع، بهدف التخفيف من المأساة الإنسانيّة التي يعاني منها سكانه.

كما يتطلّب ضرورة الإسراع في بدء عمليات إعادة الإعمار، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية فيه، مع رفض إخلائه من الفلسطينيين ومحاولات تهجيرهم.

إحباط مخططات التهجير مصلحة عربيّة ودوليّة على حدٍ سواء، وهو ما يتطلب من الفلسطينيين أنفسهم اتخاذ مواقف واضحة وحازمة، وعودة أهالي القطاع المنكوب إلى مواقع منازلهم المدمّرة، وكذلك فإن هذه المرحلة تتطلب وحدة كافة القوى الفلسطينيّة والتفافها حول موقف واحد بعيداً عن حالة الانقسام التي ألقت بظلالها على هذهِ القضيّة منذ سنوات طويلة.

الدول العربية تدرك تداعيات خطورة التهجير، وكُلفهِ الأمنيّة والاقتصاديّة التي ستدفع ثمنه الدول العربيّة على حدٍ سواء إذا ما تمت هذهِ المخططات. في وقت تعي عمّان والقاهرة بأنّ الجانب الأمني يتقدم على الجانب الاقتصادي لكل من البلدين، وبأنّ الحفاظ على أمن البلدين واستقراره خطٌ أحمر، لأنّ مخططات التهجير تمس الهويّة الوطنيّة لأي من البلدين، وتشكل تهديداً للدول العربيّة كافة.

الموقف الأوروبي كان رافضاً لمشروع التهجير، بشكل واضح وصريح وهو متناغم مع الدول العربية. في وقت تتباين فيه مواقف الشارع الأميركي إلا أنّ المؤسسّات السياسيّة الأميركية ليست بالضرورة تتبنى مواقف ترامب من » تهجير الفلسطينيين عن أرضهم، والذي استنفر خلال الأسابيع الماضية لترحيل المهاجرين غير الشرعيين في بلاده.

قضيّة التهجير تتطلب من جميع دول العالم التعامل معها باستنفار شديد، خصوصاً وأنّ هذهِ الأفكار جاءت من رئيس الدولة الأكبر في العالم، والذي كان أولى عليه أن يقود مبادرة لإحلال السلام العادل بدلاً من صناعة الفوضى!

ترامب يتجاهل الاعتبارات المعنوية والتاريخيّة وسطوة الاحتلال الإسرائيلي وقيم الكفاح والصمود من أجل نيل الحرية التي تشكل صُلب القضيّة الفلسطينيّة بشكل جوهري.

الصمود الفلسطيني هو العنصر الأساسي في إفشال مخطّطات التهجير، التي ترفضها الدول العربيّة والأوروبيّة، والتي تتطلب المزيد من الجهد الدبلوماسي العربي والأوروبي، لاتخاذ مواقف أكثر حزماً ضدّ هذه الطروحات.

كما أنّ المرحلة الحالية تتطلب حراكاً دبلوماسياً عربياً، يواجه فيه وزراء خارجية الدول العربية نظيرهم وزير خارجية الولايات المتحدة الاميركية ماركو روبيو الذي سيزور إسرائيل والإمارات العربية المتحدة وقطر والمملكة العربية السعودية في الفترة من 13 إلى 18 شباط الحالي، بعد اقتراح الرئيس الأميركي نقل ما يقرب من مليوني فلسطيني من غزة التي دمرتها الحرب إلى منازل جديدة في دول أخرى، وأن تستولي الولايات المتحدة على غزة وتطويرها إلى «ريفييرا الشرق الأوسط».

وزراء خارجيّة الدول العربيّة عليهم مسؤوليات جسام للتعبير عن موقف موحد يرفض الطروحات الأميركية؛ بهدف تحويل موقف واشنطن نحو نهج أكثر توازناً، والضغط نحو موقف أقوى بشأن دخول المساعدات الإنسانية، وتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، التي تشير الدلائل إلى قرب خرقهِ من قبل الجانب الإسرائيلي؛ إذ كان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد إيال زمير أكّد أنّ «المواجهات العسكرية التي يخوضها الجيش لم تنتهِ بعد»، مؤكداً أنّ «عام 2025 سيكون عاماً مليئاً بالتحديات والقتال المستمر».

كما أن وزراء خارجية الدول العربية التي سيقصدها ماركو روبيو في إطار جولته لمنطقة الشرق الأوسط؛ تلقي عليهم مسؤوليات كبيرة لإقناع إدارة ترمب بوجود بدائل للتهجير من خلال فتح مسار تفاوضي للسلام العادل في المنطقة، وإقامة الدولة الفلسطينية.

المعارضة الجماعية من قبل الدول العربية والأوروبية لطروحات التهجير والتمسك بحل الدولتين، قد يجذبان انتباه ترامب، ويعززان التحرك الدبلوماسي العربي لفرض طروحات السلام وحل الدولتين، وتقديم حجج مضادة تتجاهلها الإدارة الأميركية الحالية.

إدارة ترامب ربما تدرك بأنّها إذا بقيت مصرّة على طروحاتها من التهجير، وعدم التوصل إلى أفق سياسي يمنع النزوح القسري لأهالي القطاع، ويضمن عدم انتزاع أراضي الضفة الغربية لصالح إسرائيل، من شأنه أنّ يدفع بعض الدول العربية لإعادة ضبط علاقاتها مع الولايات المتحدة، وربما تسعى إلى إقامة علاقات سياسيّة واقتصادية مع قوى عالميّة أخرى كحل بديل عن الجانب الأميركي الذي أصبح أكثر كرماً وسخاءً لإسرائيل، وهو الأمر الذي من المؤكد بأنّه سيزعج الإدارة الأميركية.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF