صفة ارتبطت بمن رحل عن عمّان من تجارها وهو المرحوم محمد كمال والمعروف بغازي مرقة (أبو عمر) والذي أسس في شارع الأمير محمد منذ عقود خلت تجارة البرادي والتنجيد والموكيت فكانت (المخازن الكبرى) مكانا تقصده أسر عمّان قاطبة نظرا لما تميز به المرحوم أبو عمر من دماثة وصدق وإخلاص ومحبة.
قبل سنوات قابلت أبا عمر في مصلى الأقصى في عمارة الايتام في شارع الأمير محمد والتي كانت مكتبة الأقصى (لصاحبها ومؤسسها المرحوم الشيخ أحمد الخطيب) معلما فيها، تبادلنا الحديث وهو قريبي بالنسب والفكر والاناقة ومحبة عمّان وخدمة الجميع وتبادل البسمة معهم، افترقنا إلى أن صادفت عمر والذي أخبرني بمرض والده وغيابه عن جو عمّان والمحل.
في مسجد سيدو الكردي حيث صلينا الجنازة على جثمان أبي عمر، تذكرت المسافة الممتدة من وسط البلد وشارع الأمير محمد وأم أذينة حيث سكنت عائلة مرقة فيها وكانت في تلك الفترة متباعدة المنازل ولكنها جمعتنا دوما في منزل عمتنا رؤوفة مع أبنائها وبناتها وأحفادها وجلساتها الحنونة.
من تجار عمّان هو أبو عمر والذي انطلق مع تجار شارع الأمير محمد ومع (الصالون الأخضر) هذا المعلم مقابل بريد عمّان وذاكرة تنطق بمسيرة تجارة المفروشات والبرادي والأقمشة والعديد من معالم عمّان الممتدة من شارع الأمير محمد وشارع الرضا و(المعرض الأهلي) وتفاصيل لا بد من ذكرها في مناسبات أخرى ترصد حكاية عائلة مرقة في هذه الصفة والمهنة والتي لا بد من ذكر شقيق المرحوم أبو عمر وهو المرحوم ظافر مرقة (أبو باسل) والذي أسس هو الآخر صفة مهمة في تاريخ عالم المفروشات الشامل.
أتحدث عن تاجر من عمّان شهد تطور مدينة بقيت على العهد معه ومع جميع روادها ممن قدموا لها الكثير من تجربتهم ومالهم وجهدهم وحياتهم، سواء من تجار عمّان والذين عهدوا في عمّان الطمأنينة والاستقرار والهناء.
على الرغم من أن ابا عمر من تجار عمّان إلا أنه شقيق كل من المرحوم معالي الدكتور إسحق مرقة ونسيب الدكتور جميل مرقة وهما ممن أشعر تماما بأننا لم ننصفهما كثيرا سواء في عالم الطب والسياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية وفكرهما النقابي والوطني المخلص للأردن وفلسطين.
صفة محببة لمن عهد في أناقة أبو عمر وعائلة مرقة ودماثتهم وتعاملهم مع الناس على امتداد اهتمامهم التجاري وأجيال العائلة الممتدة من الجد والابن وإلى الأجيال التي ابتعدت عن المهنة ولكن عمر وباسل هما من القائمين على عمّان والتجارة وذكريات اعتقد أنها غنية بقصص كثيرة عن تطور مدينة بحجم التحدي والتحديث والانتقال من وسط البلد وطريق الجامعة وإلى مواقع تعني باختصار حكاية الأجداد.
ودعت عمّان واحدا من تجارها الأوفياء ورجلا ممن كافح مع عائلته وأشقائه ورفقاء وزملاء المهنة من عائلات عمّان الممتدة من فلسطين والأردن والتي كان محلها في وسط القلب والبلد والوجدان حيث كانت الكلمة عقداً ومشواراً.
رحم الله فقيد تجارة عمّان التي أحبها وخدمها بوفاء طويلا، رحم الله أبا عمر وأحسن إليه.