كان 2024، عامًا استثنائيًا في مسيرة التنمية الشاملة، لقد أثبتت المملكة قدرتها على تحقيق أهدافها الطموحة من خلال رؤية تتجدد باستمرار وآفاق تتسع يومًا بعد يوم ونجاحات نفخر بها والتي جعلت من المملكة نموذجًا عالميًا للتطور والازدهار رغم الظروف الاقليمية الصعبة التي تعيشها المنطقة والعالم بشكل عام.
وتسير المملكة بخطى واثقة نحو تحقيق مزيد من الإنجازات في عام 2025، مع استمرار العمل على تعزيز التنوع الاقتصادي والسياحي والاستثماري، وتحقيق استدامة النمو في جميع القطاعات الحيوية. لا سيما قدرة المملكة على مواجهة التحديات وكيف تمكنت من التغلب عليها بفضل الرؤية الحكيمة لقيادتها الهاشمية ودعم القطاع الخاص، مما جعل اقتصاد المملكة واحداً من أكثر الاقتصادات نمواً في المنطقة.
وتناولت النجاحات في العام المنصرم محاور متعددة، شملت التقدم في مجالات السياسة، الاقتصاد، الأمن، البيئة، السياحة، والتي باتت رافدًا أساسيًا لتنويع الاقتصاد الوطني والتحولات الجذرية التي شهدتها السياسة الخارجية في عهد جلالة الملك هذا العهد الزاهر الذي يمثل نقلة نوعية في مسار السياسة الخارجية، التي أصبحت ديناميكية ومتوازنة تراعي مصالح المملكة أولًا، وتسعى لتوسيع نفوذها وتأثيرها على المستويين الإقليمي والدولي، سياسة أكثر حيوية واستقلالية، تركز على تعزيز سيادتها وتنوع شراكاتها الدولية إلى جانب تعزيز تعاونها مع ?لدول الفاعلة عالميًا، بعيدًا عن الارتهان إلى سياسة الأقطاب أو الاعتماد الكلي على طرف بعينه.
وقد أصبحت عمان اليوم قبلة سياسية عالمية، حيث استضافت العديد من المؤتمرات والاجتماعات التشاورية التي ناقشت قضايا دولية وإقليمية محورية، مثل: الحرب على غزة والاوضاع في سوريا والحرب الروسية الأوكرانية. وبرز الدور الأردني مما يعكس مكانة المملكة وثقلها الدولي.
وتعود هذه المكانة المرموقة إلى السياسة الحكيمة لجلالة الملك وسمو الامير الحسين ولي العهد التي تتسم بالاتزان والمصداقية العالية، فضلًا عن النهج الاردني الذي لا يعتمد على التدخل في شؤون الدول الأخرى مما جعل المملكة نموذجًا للسياسة المسؤولة.
كما أن الاردن أصبح مركزًا لمعالجة القضايا الإقليمية والدولية، وهو ما يؤكد مكانته كقوة إقليمية ودولية تتمتع بالاحترام والثقة على مستوى العالم.
وهناك تحولات في القطاعات الصحية من التنظيم إلى الشراكة مع القطاع الخاص لتحسين الخدمات الصحية الى جانب التحولات الاقتصادية الكبيرة التي تشهدها المملكة، وخططها المنشودة لنخفض معدلات البطالة ضمن مستهدفات المملكة ما يعد إنجازًا استثنائيًا. وما يعكس إعادة ترتيب الهيكل الاقتصادي للمملكة، حيث تم رفع الحد الادني للاجور وخلق وظائف جديدة وإحلال وظائف للكوادر الوطنية المؤهلة. كما ان القطاع التعليمي بات أكثر توافقًا مع الاحتياجات الاقتصادية، باعادة هيكلة بعض التخصصات لتتماشى مع متطلبات سوق العمل، وللاسهام في تقليص معد?ات البطالة. وتحقيق توازن اقتصادي، ومشروعات البنية التحتية التي ستستمر بنفس الزخم. وضمن تخطيط استراتيجي، حيث تمثل شبكة الباص السريع وربطها بعدد من المحافظات والخدمات اللوجستية جزءًا لا يتجزأ من رؤية تطوير الصناعات الوطنية وربط المدن بشبكات حديثة.
هذه المشروعات ليست مجرد وسيلة لتحقيق النمو الاقتصادي، بل هي عنصر أساسي لتحقيق التنمية المستدامة وضمان مكانة المملكة كقوة اقتصادية عالمية، وتسليط الضوء على استمرارية العناية الصحية وتطوير القطاع الصحي بكل تفاصيله، لتشمل جميع مراحل النظام الصحي، ابتداءً من الوقاية والتوعية، مرورًا بمراكز الرعاية الأولية والخدمات الأولية، وصولًا إلى المستشفيات العامة، ثم التخصصية. وخاصة في القطاع الصناعي الذي شهد قفزات كبيرة حيث تقدم الحكومة دعمًا كبيرًا للقطاع الصناعي، من خلال السياسات والتشريعات التي تشجع الاستثمار، ولا يمك? إغفال جانب تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص مما ساهم في دفع عجلة التنمية الصناعية.
على الرغم من أن الاستثمار الأجنبي في القطاع الصناعي مازال أقل من الطموح، إلا أن الحكومة تدعم وتشجع على جذب الاستثمارات الأجنبية، لزيادة القدرة التنافسية للقطاع الصناعي المحلي.
وأعتقد أن قطاع التعدين واحد من أهم القطاعات التي نراهن عليه بشدة، هو إحدى الركائز المهمة بعد قطاع النفط والبتروكيماويات، وهو يسير بشكل جيد. وهذا يعطينا دلالات إيجابية لقوة هذا القطاع مستقبلاً. كما أن المملكة بدأت الحديث عن اليورانيوم والغاز.
والقطاع الصناعي، من غير الممكن العمل فيه بمعزل عن القطاعات الأخرى. فلا توجد صناعة بدون قطاع لوجستي، ولا يمكن تطوير الصناعة ما لم يكن المنتج الوطني قادراً على المنافسة عالمياً. لتحقيق ذلك، يجب أن تكون هناك منافسة صناعية للشركات المحلية داخلياً، ولخلق المنافسة الداخلية مكاسب عدة للشركات المحلية يأتي في مقدمتها؛ مكاسب الكفاءة والإنتاجية، حيث تجبر المنافسة المحلية الشركات المحلية على إيجاد طرق مستمرة لتحسين عملياتها وخفض التكاليف وتعزيز الإنتاجية من أجل البقاء في صدارة المنافسين، وهذا يجهزها لتحمُّل منافسة الش?كات العالمية بشكل أفضل. وأرى اليوم أن هناك حركة تنافسية كبيرة في هذا المجال.
وتلتزم الحكومة بتطوير بنية تحتية قوية تدعم مختلف القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك الصناعة، والسياحة، والصحة، والتعليم. كما أن رؤية المملكة تضع الأساس لتحقيق التنمية المستدامة، مع التركيز على الابتكار واستخدام التكنولوجيا الحديثة في مختلف المجالات.
ويتوقع أن يشهد العام 2025 إطلاق العديد من المشروعات الكبرى التي ستسهم في تعزيز مكانة المملكة على الساحتين المحلية والعالمية، سواء من خلال تطوير مشاريع الطاقة المتجددة، أو تعزيز مكانة المملكة كمركز ريادي في قطاع السياحة العالمية، أو دعم الصناعات الوطنية التي ستفتح أبواباً جديدة للأسواق العالمية.