خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

أرواح منهكة.. حين تثقل الذكريات الأرواح

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. محمد الحدب

غريبة هي الحياة، كلما عشنا أكثر أخذتنا في جنباتها وعرضتنا لمواقف نتمنى فيها لو توقفت عقارب الزمن لنوقف مجريات بعض الأحداث ونغيرها لما نرغب أن تكون عليه. لكن، يا صديقي، هذه هي الحياة، لا أحد سلم من عثراتها وشقائها. فكما كانت هناك ذكريات ولحظات فرح قد نسينا معظمها، هنالك لحظات حزن وانكسار وعثرات مزقت أجسادنا ووضعت علامتها الفارقة في أرواحنا، فأنهكتها. والغريب أن هذه اللحظات لا نستطيع أن ننساها، بل نبقى نتذكرها لنأخذ منها العبر والدروس. وعلى الرغم من أنه كلما تذكرناها تمنينا لو يعود الزمن إلى الوراء لنغير أفع?لنا في تلك اللحظات، فنُجنب أرواحنا آلام الحزن والذكريات الموجعة التي تعيش معنا.

لكن يا ترى، من أخبرنا بأنه لا يجب أن نخطئ؟ وأن المتوقع أن تكون حياتنا صفحة بيضاء منذ الطفولة وحتى الكهولة؟ لا أعتقد أن هناك بشراً -عدا الأنبياء والمرسلين والصالحين- لم تتعثر أيامه بانتكاسات وهفوات وزلات أحدثت آلاماً وتشوهات في نفوسنا المرهفة.

نعم، نحن بشر، وعليه لنكتفي بجلد أنفسنا ونتعايش مع زلاتنا وأخطائنا. لا حاجة لإعادة تفاصيل تلك اللحظات لنحاول فهم كيف حدثت وماذا كان بإمكاننا فعله لتجنب الضرر. لنتعلم منها، ثم نضعها خلفنا وننطلق إلى الأمام.

نعم، لن يشعر أحد بما عانينا، حتى أقرب الناس إلينا. فالنفس تختزل الكثير من المواقف واللحظات لتضعها في حفر عميقة يصعب الوصول إليها ولو بعد مئات السنين. لا بل قد لا نمتلك الجرأة لنكتبها أو نتحدث عنها، أملاً في ألا تعود لذاكرتنا أبداً.

كيف الخلاص إذاً؟ ما هي الخطوات التي تعبر بنا بر الأمان دون اللجوء إلى وصفات الأطباء النفسيين من حبوب الاكتئاب والمهدئات ومانعات القلق والتوتر وحبوب النوم؟ لا أعتقد أن هناك حلاً سحرياً، بل هي طبيعتنا البشرية. بعضنا ما زال يتعايش مع تلك اللحظات، فمرات يغلبها وينتعش بشعور الفوز المؤقت إلى أن يمر بموقف أو يسمع كلمة تعيده إلى تلك الحفرة العميقة، فيفتحها ويستعيد كل تلك اللحظات المؤلمة بأدق تفاصيلها ليعيشها من جديد. وبعضنا الآخر لم يستطع المقاومة، فهزمته ظروف الحياة وجعلته يعيش كل يوم تحت وطأة تلك المواقف، مما جع?ه مكتئباً منطوياً يعيش في حزن دائم وهمٍّ لا يزول. وهناك آخرون لم تعد أرواحهم تتحمل، فلجأوا إلى الأطباء النفسيين للخلاص من تلك اللحظات الحزينة المؤلمة، فأصبحت حياتهم تعتمد على المهدئات، التي بمجرد التوقف عن تناولها تتحول حياتهم إلى كابوس.

من يستثنى من البشر من تلك اللحظات؟ لا يوجد غني ولا فقير، ولا كاهن ولا متشيع، ولا طالب ولا عالم إلا وفي جزء من روحه مقاومة يومية لتلك المشاعر المرتبطة بآلام الذكريات. إذاً، لنتعايش معها كواقع، ونحاول أن نخفف من آثارها ما أمكننا، علّنا نجد الخلاص في بعض الأيام ونعيشها بأرواح سعيدة.

لنذكر كم بقي لنا من أيام معدودة، ولنحرص على عيشها بفرح وسلام مع من نحب. فالحياة قصيرة، وما يبقى فيها هو ما نقضيه مع أحبائنا.

كيف لا؟ وفي شهادة لطبيب متخصص ممن عايش آلاف الأشخاص على فراش الموت، قال إن كلماتهم الأخيرة لم تحمل ذكراً لأموالهم أو شهاداتهم أو شهرتهم، بل كانت أمنيتهم الوحيدة هي رؤية عائلاتهم وأحبائهم ليقضوا معهم دقائقهم الأخيرة. هذه رسالة لنا جميعاً: أن الأهل والعائلة واللحظات الحميمة هي الركيزة الأساسية لمواجهة الآلام التي لا تنتهي.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF