تمثل الحرب المدمرة التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية ولبنان نقطة تحول خطير في مفهوم حقوق الإنسان، والكثير من الدول تتحدث عن حقوق الإنسان التي طالما مثلت عنواناً كبيراً لها في التحرك وفرض سياساتها التدخلية بحجة «حقوق الإنسان» قد استجابت بشكل غير متساوٍ وعادل لمقتل واعتقال المدنيين والمقاتلين الإسرائيليين مقارنة باستشهاد المدنيين والمقاتلين الفلسطينيين واللبنانيين، وهنا استشهد بحادثة «البيجر» في لبنان، فتفخيخ إسرائيل للهواتف المحمولة وأجهزة اللاسلكي التي يستخدمها حزب الله حظي بموافقة كبيرة ومباركة حميمة.
وجاءت هذه الحرب لكي تفضح الدول الداعمة لإسرائيل وهمجيتها وتكشف الغطاء عن حلفائها بسبب معاييرهم المزدوجة. فهم من ناحية، يرفضون احتلال أوكرانيا ويفرضون عقوبات على روسيا، ويجعلون من أنفسهم وسطاء ثقاة في السودان ومن ناحية أخرى، يزودون المحتلين الإسرائيليين بالأسلحة والذخائر المحرمة دوليا وبكافة أشكال الحماية العسكرية وسلاسل المال والتوريد. ولم يكن بوسع إسرائيل شن كل هذه الاعتداءات وارتكاب الفظائع، بما في ذلك ضد وحدات اليونيفيل، لولا الحصانة الدولية، والأسلحة التي ترسل إليهم.
ولا بد من المقارنة بين مواقف بعض وسائل الإعلام، فنذهب في هذا المقال للحديث عن ادعاءات بأن حركة حماس نفذت عمليات اغتصاب منهجية وقطعت رؤوس الأطفال بينما السابع من أكتوبر/ بينت أن الأرواح ليست كلها مهمة وأن هناك دولا لا تُحاسب على أفعالها.
ولاقت هذه الدعاية تروّيجا لها في وسائل إعلام غربية واميركية، بينما أن تلك الوسائل الإعلامية لم تبدِ اهتماماً لما يصدر عن ارتكاب إسرائيل جرائم حرب بما فيها الاغتصاب، على المعتقلين الفلسطينيين والقتل الممنهج للأطفال والشيوخ والنساء وحرق البيوت وتدميرها فوق قاطنيها، ومن عجيب المفارقات أنه في حين لا تزال واشنطن وحلفاؤها يدعون إلى مفاوضات حول حل الدولتين، يتفاخر رئيس الوزراء الإسرائيلي المتطرف بنيامين نتنياهو وشركاؤه «بإحباط» هذا الهدف لعقود من الزمان.
أما بالنسبة للموقف الحقوقي الأممي تجاه الحرب فإن المنظمات القانونية والإنسانية والإغاثية الدولية والمحتجين والمتظاهرين في جميع أنحاء العالم وخاصة في الجامعات الأميركية أظهروا دعمهم لآلاف الضحايا المدنيين والمهجرين للحرب في غزة وشعب فلسطين.
وانطلاقا من المكانة الحقوقية والانسانية التي تدعيها واشنطن يفترض عليها ضرورة أن تبذل وحلفاؤها بمصداقية المزيد من الجهود لوقف العدوان المتواصل الذي تمارسه إدارة نتنياهو البربرية على غزة والضفة ولبنان، ووضع حد لتداعيات هذا الوضع على الاستقرار الإقليمي والدولي لا سيما بان حربا واسعة تلوح في الافق بين ايران واسرائيل.
وبإمكان الرئيس الأميركي جو بايدن الذي قاربت ولايته على الانتهاء الضغط على إسرائيل لوقف الحرب لا سيما بعدما كانت تدعي عرقلة عقد صفقة بين الجانبين. والا ما جدوى اغتيال قيادات حركات المقاومة لحماس وحزب الله في تحقيق أي أهداف استراتيجية لمن يدعمونها.
وختاما: فإن إنهاء الحرب؛ مصلحة لجميع الأطراف حتى يتمكنوا ذات يوم من العيش في سلام، كل في بلده المعترف به كما فيها مصلحة للعالم ولانصاف القانون الدولي.
واتوقع أن مستقبلاً مظلماً ينتظر اسرائيل سيما أن الأوضاع في تدهور شديد بعد مهاجرة أبنائها إلى أوروبا، ومعظمهم إلى الولايات المتحدة، وآخرين إلى مناطق أبعد من ذلك مثل شرق آسيا. ولقد أُفرغت إسرائيل من أغلب مواردها البشرية والاقتصادية، بسبب ارتكابها العديد من الأخطاء بعدما كان كل شيء جاهزا للتوقيع وتنفيذ الصفقة التاريخية الكبرى مع الفلسطينيين، والتي كان من الممكن أن تغير مجرى التاريخ.