كلفة استضافة اللاجئين السوريين كبيرة جداً على الاقتصاد الأردني حيث يبلغ متوسط الكلفة السنوية لإيواء اللاجئين السوريين وفقاً لخطة الاستجابة لأزمة اللجوء السوري 2.4 مليار دينار أردني، بينما الكلفة غير المباشرة تم تقديرها بـ 3 مليارات دينار سنوياً حسب دراسة منشورة اعدت بدعم من برنامج وكالة الأمم المتحدة الإنمائي.
الدعم المالي الذي يقدمه المجتمع الدولي لخطة الاستجابة لأزمة اللجوء السوري أصبح يتلاشى مع مرور السنين مما حمل الاقتصاد الأردني أعباء كبيرة.
للتوضيح كانت نسبة مساهمة المجتمع الدولي في تمويل خطة الاستجابة لأزمة اللجوء السوري لعام 2023 فقط 29%، بينما تحملت الموازنة الأردنية 71% من إجمالي الكلفة.
إذاً الاستراتيجية المتبعة في التعامل مع ملف اللاجئين السوريين تحتاج إلى تعديل مما يمكنها من التعامل مع هذا الواقع. قد لا يكون هذا الملف ضمن الأولويات في الفترة الحالية لكن لا يوجد ما يمنع من أن نعمل بشكل متوازٍ، ولا سيما أن كلفة اللجوء السوري اصبحت تثقل كاهل الاقتصاد ويزداد أثرها مع مرور الوقت.
الحل الاكثر فعالية من بين جميع الحلول، وكما أشار سمو ولي العهد في مقابلته مع قناة العربية في وقت سابق، هو الرجوع الطوعي للاجئين السوريين لبلدهم. لكن هذا يتطلب توفير مجموعة من العوامل التي تجذبهم لاتخاذ مثل هذا القرار مثل توفير الأمن والأمان وتوفر فرص العمل ووجود ضمانات بعدم الملاحقة الأمنية وما إلى ذلك.
وهذا الأمر ممكن أن يتحقق بالتعاون الجاد بين الدولة السورية والقطبين الرئيسيين وهما الولايات المتحدة وروسيا. الولايات المتحدة يقف في صفها بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، بينما روسيا يقف في صفها إيران وحزب الله والصين. قد تكون روسيا مشغولة في حربها مع أوكرانيا، لكن لا بد من وجود مصالح مشتركة بين هذه الدول للبدء بمعالجة هذا الملف الحساس.
وقف العقوبات المفروضة على الاقتصاد السوري سيكون نقطة البداية لبناء الاقتصاد السوري من جديد ومحاربة صناعة المخدرات التي أصبحت بديلاً آخر للحصول على الدخل، لا بل أن استقرار سوريا ورجوعها كما كانت في سابق عهدها هو مصلحة أردنية وعربية مشتركة لعدة عوامل مثل الرجوع الطوعي للاجئين، وقف تهريب المخدرات عبر الحدود، وفتح شريان اقتصادي مهم جدا للأردن والمنطقة العربية.
واخيراً لماذا لا يكون لدى الأردن مبعوث خاص بملف اللاجئين السوريين يحمل الملف ويتابع تطوراته وبشكل مشابه للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لبعض الملفات الحساسة؟
وأيضاً لماذا لا يتم تشكيل تحالف سياسي وقوة ضغط من قبل الأردن وتركيا ولبنان للعمل بشكل موحد لإرجاع سوريا إلى سابق عهدها وبما يضمن العودة الطوعية للاجئين السوريين كون ذلك يمثل مصلحة مشتركة؟
أستاذ المحاسبة المالية في جامعة آل البيت