خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

إعلاميا.. كيف يشاهد العالم العدوان على غزة؟

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. محمد كامل القرعان

تغطي القنوات التليفزيونية الغربية والإسرائيلية بشكل يومي العدوان على غزة، فيشاهد المواطن الغربي والإسرائيلي جميع مستجدات الأحداث باستثناء أمر واحد يبقي غالبا «غير موجود» في التغطيات الإعلامية، وهو الضحايا من سكان قطاع غزة. بينما تشمل الأخبار محادثات وقف إطلاق النار واحتجاز الرهائن، والخسائر العسكرية الإسرائيلية، وتحليل ساحة المعركة، وتغطية هجمات 7 أكتوبر؛ وهناك شيء واحد غالبا ما يكون مفقودا في النشرات الإخبارية وهو «شعب غزة»،

فبالإضافة إلى تشويه إطار المأساة الأنسانية الحاصلة هناك، كان للمعلومات المضلّلة والأخبار المفبركة التي نشرتها وسائل الإعلام والمتجذرة في سرديات غير موثّقة أو متناقضة أو خاطئة، تداعيات إنسانيّة حقيقيّة على الأرض. فقد تبنّت وسائل الإعلام المنحازة والرائجة إلى حدّ بعيد تأطيراً معيّناً متجانساً للأحداث منذ السابع من أكتوبر. وفي حين صنّفت وسائل الإعلام الغربية السابع من أكتوبر كـ”هجوم إرهابي»، صوّرت في المقابل العدوان الإسرائيلي على غزة، على أنّه إجراء يندرج ضمن «الدفاع عن النفس».

والأمر المزعج الآخر هو تبنّي الوصف الإسرائيلي للعدوان على أنّها «حرب»، ما يخلق مساواة زائفة بين الطرف المِحتَّل والطرف المُحتَّل، لا سيما نظراً لعدم التوازن الصارخ على نحو لا يُصدَّق بين الموارد والقدرات العسكريّة بين حماس وإسرائيل. ويشكّل التمادي في مثل هذا التأطير المتحيّز السرديّة العامة حول العدوان الوحشي على أنّها هجوم إرهابي أثار ردّاً مشروعاً، ما يمنح بالتالي الشرعية لتمادي دولة الاحتلال غير المتكافئ على 2,3 مليون مدني في غزة.

ويكمن خطر هذا التأطير في أنّه لا يُحدّد للرأي العام مَن الضحيّة ومَن الجلاد فحسب، بل أيضاً من يستحق التعاطف والمواساة ومن لا يستحقّهما. وبوصف وسائل الإعلام الغربية الإسرائيليين ما دون سن الـ18 بأنّهم «أطفال» والفلسطينيين بأنهم «قصر»، والتركيز شبه حصر على الروايات الشخصيّة ومعاناة المواطنين الإسرائيليين، فهي تقوم بأنسنة طرفٍ وبتجريد الطرف الآخر من إنسانيّته.

وإلى جانب هذه الأنسنة الانتقائيّة المقصودة، يغفل الإعلام الغربي باستمرار عن وضع أحداث 7 أكتوبر في سياق كافٍ. فعندما تصفها وسائل الإعلام الغربية بـ“الهجوم غير المبرّر»، تكون قد أغفلت عن 75 عاماً من الغزو الإسرائيلي لفلسطين و56 عاماً من الاحتلال العسكري ومعاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي الجائر وتغيب كليا في هذا السردية حق الشعب الفلسطيني في دولته. هذا يعني أنّ الرأي العام الغربي، الذي لا يملك معظمه معرفةً خلفيّة تاريخيّة عن القضية الفلسطينية، يفتقر إلى السياق الضروري لفهم الوضع الحالي. حتى الأحداث الأخيرة، على غرار العنف في الضفة الغربية والاستفزازت التي تمارسها قوات الاحتلال والإسرائيليون والمستوطنون اليهود المتطرّفون في محيط المسجد الأقصى، ثالث أقدس الأماكن إلى المسلمين في العالم، يتم تجاهلها في ما يتعلّق بغزة وحماس. من المؤسف أن يكون هذا النمط المتكرّر من التأطير والتصنيف معتادا في مختلف وسائل الإعلام الغربية، بدءاً من السي إن إن (CNN) الوسطية ووصولاً إلى فوكس نيوز (Fox News) اليمينيّة. لذا جاء سلوك الاعلام الغربي في هذه المرة صادمًا وخارجًا عن معايير المهنية والأخلاقية على نحو لافت، على الرغم من وجود تاريخ طويل لها من الانحياز إلى السردية الإسرائيلية.

وتغطية الأحداث العسكرية لا تقتصر فقط على نقل الرواية العسكرية بدقة، بل تمتد للمساهمة في تجريد المدنين الفلسطينيين في قطاع غزة من إنسانيتهم بل تصفهم بالارهابيين وغيره، وعندما يتم تجاهل فرد أو مجموعة من المدنيين في التغطية الإعلامية الحقيقية، يصبح استخدام العنف ضدهم مبرراً؛ فالغياب يجعل الضحية غير مرئية، مما يقلل من شعور الجاني بالذنب.

وختاما فبينما تتكشّف الأزمة الكارثية في غزة وتداعياتها المأساوية على سكان القطاع وانعكاساتها الجيوسياسيّة واسعة النطاق على المنطقة وخارجها يبقى غياب التغطية الاعلامية المتوازنة والمهنية والحقيقية بمستوى التجريد من الإنسانية للمدنيين الفلسطينين في غزة وصل إلى درجة التجاهل التام، وهذا يتيح استخدام القوة والعنف والقتل وسياسة الابادة الجماعية بدون مساءلة أو شعور بالذنب لدى الجهات الفاعلة دوليا او على مستوى الراي العام العالمي.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF