هل يتعرض الأردن لمؤامرة خارجية؟ الإجابة هي نعم، لكن يجب الاستدراك بسرعة والقول إنه بهذا المفهوم فإن الأردن يتعرض لمؤامرة خارجية منذ قديم الزمان. لنتحدث بهدوء عما يحدث فى الأردن مثلا، ونسأل هل الأموال والأسلحة والمخدرات التى تتدفق على الأردن لاستنزاف الدولة عمل فردى أم تقف خلفها دول وأجهزة مخابرات؟ نعم و هناك تنظيمات فعلا اسمها (ميليشيات) تعمل من خارج الحدود وأصبحت لدينا مكشوفة.
أليس في حاجة إلى أموال ضخمة لإعاشة أفراده ولشراء الأسلحة الثقيلة التى تحارب بها الدولة. السؤال المنطقي أيضا: هل كميات المتفجرات والأسلحة والمخدرات التى تدخل من الحدود المختلفة خصوصا السورية هى عمل فردي أم منظم؟.
ما يثير العجب أن كل هذه المحاولات اليائسة التي ارادت ان تقتل الروح المعنوية للاردنيين باءت بالفشل ولأسباب عديدة، واهمها ينحصر برأيي بإيمان الاردنيين بارضهم وانتمائهم لبلدهم، وثانيهما وعي وقوة وصلاية وحنكة اجهزتنا الأمنية وثالثهما، حكمة قيادتنا الهاشمية في إدارة مفاصل الدولة داخليا وخارجيا وفهمها لكل المخططات والنوايا التي تحاك بالاردن، ولا تخلو المسألة من وجود أراء من منظور المؤامرة الكونية الشاملة التى تتعرض لها المملكة، والرأي الثاني يرى في مروجي نظرية المؤامرة مجموعة من المهووسين الذين لا يريدون أن يعملوا أو يبذلوا جهدا ويفضلوا تعليق كل فشلهم على شماعة نظرية المؤامرة. ومنذ سنوات طويلة ونحن فى الأردن أسرى هذين الرأيين.
لكن الذى يريده المواطن البسيط دائما أن تكون هناك معلومات محددة تكشف هذه المؤامرة، لأنه لا يعقل أن يظل الأمر مجرد شماعة. وعندما تنهار الدول فى المنطقة من حولنا وتتفكك انظمتها وتصبح رهينة القرار الخارجي، أليس من حقنا أن نقلق ونخشى أن يكون هناك من يخطط لإكمال الحلقة؟ الذى فعل ذلك، ما الذى يمنعه من المساعدة فى أذى الأردن؟
لا نستطيع أن نلوم الاخرين بالتآمر على أنفسهم، لأن المتطرفين يجدون أحيانا مأوى لهم فى تلك الاماكن.
المؤامرة لا تعنى فقط أن هناك عدوا واضحا وصريحا يتربص بنا، من الممكن أن يكون هناك قريب او حليف يفعل ذلك سواء بحسن أو سوء نية.
ورغم ذلك فإن السلطات الأردنية لا يمكنها طوال الوقت أن تتحدث عن المؤامرة، من دون أن تخبرنا عن تفاصيلها أو بعض تفاصيلها، ليس فقط لكى يصدق الشعب هذا الأمر، لكن لكى يشارك الدولة فى مواجهة هذه المؤامرة.
لا أحد في بلدنا ينكر وجود أزمة اقتصادية صعبة، لكنها جزء من أزمة تمرّ بها دول عدة في العالم، ما ينفي صفة التقاعس ووضع الحمل كله على عاتق الحكومات وحدها، بينما يضع المعارضون المسؤولية كاملة على خطأ السياسات التي تنتهجها الحكومات وسوء التقديرات في أولويات الدولة، والتأثيرات الخارجية كان يمكن الحد منها بقدر من الرشاد في التوجهات السياسية والاقتصادية العامة.
يستسهل مسؤولون الحديث عن المؤامرة ومخاطرها، وتجد فيها وسائل الإعلام أداة جيدة لرمي الكرة في ملعب آخرين مجهولين، لأن العزف عليها لم يصطحب تفنيدا رقميا لها وتحديد الجهات التي تقف خلفها والأهداف التي يريد من يقفون خلفها تحقيقها، إن جاز التعبير.
وأستطاعت أجهزة الدولة القوية من إجهاض المخططات السياسية والأمنية للجماعة الأرهابية والمتطرفة ومن يقف خلفها، وجرى تفويت الفرصة على التلاعب بالاقتصاد والمجتمع ونزع الكثير من الأشواك الإرهابية والجماعات المتطرفة التي تنسج خططها بصرامة وتحاول تنفيذ ما يعوق الدولة على استكمال مشروعاتها الإصلاحية، وتحريض الرأي العام ضدها.
وفي الختام يصعب أن تنجح المؤامرة والمخططات الأرهابية وهناك حكومات واثقة في خططها التي تتبناها، ومن المستحيل أن تتأثر بها الدولة طالما خلفها شعب منتم والمقتنعين بسياساتها. ويتوقف نجاح كل مؤامرة على قوة العصب الداخلي الذي تستند عليه، وكان هذا العصب متماسكا في الناحيتين السياسية والأمنية، فلم تهتز أو تترنح أجهزة الدولة، ولن ينفع في دحضها أو التخلص منها خطاب تقليدي يستند إلى التشنج بدلا من الحكمة.