خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

كيف نحافظ على تأييد الشارع الغربي للفلسطينيين؟

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. صلاح جرّار ما حدث من تحوّل في موقف الشارع الغربي تجاه القضيّة الفلسطينية والعدوان الصهيوني على غزّة أمرٌ يبعث على شيء من الارتياح في الشارع الفلسطيني والعربي، وقد يبالغ كثيرٌ من العرب في تفاؤلهم نتيجة هذا التحوّل، إلاّ أنّني أرى أنّ المبالغة في التفاؤل قد تؤدي بعد حين إلى خيبة أمل شديدة، إذ ليس هناك ما يضمن لنا استمرار هؤلاء المتعاطفين مع الفلسطينيين في مواقفهم المعلنة بعد انتهاء العدوان الصهيوني والأميركي على غزّة. وفي رأيي أنّ هذا التخوّف يعود إلى عاملين أساسيّين، أولهما أنّ سبب هذا التعاطف الشعبي هو قسوة ما شاهدوه ويشاهدونه من المجازر البشعة ضدّ المدنيين في غزّة، وهذا سببٌ إنسانيّ عاطفي فقط وليس سبباً سياسيّاً أو فكريّاً أو عقديّاً، فقد نشأ أبناء الغرب على حشو عقولهم وعقيدتهم بحقّ الكيان الصهيوني في الاستيلاء على فلسطين وكراهية العرب، وأنّ تعاطفهم الحالي مع الفلسطينيين وغزّة هو طفرة عاطفية مؤقتة وطارئة يرتبط تأثيرها واستمرارها باستمرار العدوان وارتكاب المذابح ضدّ المدنيين في غزّة والضفّة الغربية، ولكنّ ذلك لا ينفي وجود أشخاص تغيّرت قناعاتهم وأفكارهم ومواقفهم السياسية لصالح الفلسطينيين تغيّراً جوهريّاً ومستداماً.
وأمّا العامل الثاني للتخوّف من تراجع الشارع الغربي الشعبي عن تعاطفه مع الفلسطينيين فهو امتلاك الساسة الصهاينة وداعميهم في الغرب وسائل عديدة لترميم صورة الكيان الصهيوني لدى الغربيين، وأهمّ هذه الوسائل نشاط المنظمات اليهودية في الغرب، وسياسة الإدارات الحكومية الغربية، ودور وسائل الإعلام الغربية ووكالات الأنباء التي يسيطر عليها الصهاينة ومناصروهم في الغرب ووسائل التواصل الاجتماعي التي يمتلك الصهاينة مفاتيحها، وهذه الوسائل بأنواعها المختلفة ذات قدرة كبيرة على التأثير في الرأي العام الغربي والعالمي وغسيل الأدمغة. وممّا يساعد هذه الوسائل على تحقيق غاياتها أنّ من ينتمون إلى الكيان الصهيوني في فلسطين أكثرهم مزدوجو الجنسية، أي لديهم جنسية إسرائيلية وجنسية البلد الأصلي الذي جاءوا منه، ويتوزّعون في أصولهم على مختلف بلدان الغرب الأميركي والأوروبي ولهم قنوات تواصل مباشر مع تلك البلدان ويمتلكون وسائل إقناع نفسي وعاطفي ووسائل تأثير مالي وسياسي وثقافي.
وفي مقابل هذا التأثير الصهيوني على الشارع الغربي بجناحيه الأميركي والأوروبي نجد أنّ وسائل التأثير العربي- التي يمكن من خلالها استدامة تأييد الشارع الغربي للفلسطينيين- هي وسائل محدودة وقليلة الفاعلية- إلاّ من بعض القنوات الفضائية- وتفتقر إلى التنسيق والانسجام والاستمرارية.
إنّ التأثير العربي على الرأي العام الغربي لا يرقى إلى مستوى التأثير الصهيوني، لأنّ الإعلام العربي يعتمد في معلوماته على وكالات الأنباء الغربية التي يسيطر عليها الصهاينة أصلاً، كما أنّ التضارب الكبير في المواقف السياسية لوسائل الإعلام العربية نتيجة الاختلافات العربية يضعف من تأثير هذه الوسائل لدى المتابع الغربي، والأهمّ من ذلك كلّه أنّ القيود المفروضة على حريّة الرأي والتعبير في وسائل الإعلام العربيّة تجعل التأثير المنشود في الرأي العام يصل منقوصاً ومضطرباً ومشوّشاً.
ولا ينفي ذلك وجود بعض العوامل الإيجابية في الجانب العربي للتأثير في الرأي العام الغربي، وهي عوامل يجب المحافظة عليها وتطويرها والعمل على استدامتها، ومن أهمّها دور الجاليات العربية في دول الغرب ولا سيّما في الجامعات، وجمعيات الصداقة ذات التأثير الثقافي والاجتماعي، لكنّ هذه الجاليات والجمعيّات لا يصل تأثيرها في المجتمعات الغربية إلى المستوى التي تصل إليه الأحزاب والمنظمات الداعمة للكيان الصهيوني.
كما أنّ الصمود البطولي والتاريخي والنوعي لأهل غزّة ورجال المقاومة في وجه الإجرام الصهيوني قد أدهش المتابعين لهذه الحرب الذين أدركوا أنّ هذه البطولات على ضآلة إمكانيات المقاومة التسليحية تدلّ على إيمان المقاومين بحقوقهم الوطنية التاريخية، وأنّه لولا كونهم على حقّ لما قدّموا كلّ هذه التضحيات ولا صمدوا كلّ هذا الصمود ولا أظهروا كلّ هذه البطولات النادرة في مواجهة الاحتلال.
ومن أجل المحافظة على هذا التعاطف الغربي بعد انتهاء العدوان الصهيوني على غزّة فإنّه لا بدّ للعرب أن يوفّروا الأسباب التي تضمن لهم استمرار هذا التعاطف وزيادة تأثيره على الشارع الغربي، ومن ذلك دعم الجاليات والهيئات والجمعيات العربية النشطة في دول الغرب بكلّ الوسائل الممكنة ومساعدتها على إنشاء مراكز دراسات ودور نشر ووكالات أنباء وصحف ومجلّات وسواها، ومن ذلك أيضاً استمرار الكتّاب والمثقفين والمحلّلين في كشف أكاذيب الصهاينة وافتراءاتهم وتفنيد مزاعمهم ونقض روايتهم مع السعي إلى ترجمة ذلك إلى اللغات العالمية أو نشره بلغات مختلفة، ومن ذلك أيضاً ضرورة نهوض الجامعات والمعاهد بدورها التوعوي والتثقيفي في مجال كشف الحقائق التاريخية حول القضيّة الفلسطينية، ومن ذلك أيضاً ضرورة السعي إلى التنسيق الإعلامي العربي في الترويج للرواية العربية للقضية الفلسطينية وتجاوز بعض الخلافات السياسية في تقديم هذه الرواية، والسعي إلى تقليص الاعتماد في النشاط الإعلامي على الشبكات الإعلامية والتواصلية الغربيّة.
إنّ التشبّث بالحق والدفاع عنه والتضحية من أجله هو السبيل الوحيدة لضمان استمرار تعاطف الرأي العام العالمي مع الشعب الفلسطيني في قضيّته العادلة.
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF