تابعت أنا والملايين من المشاهدين عبر جميع القنوات المتلفزة والفضائية وشبكات التواصل الاجتماعي المتنوعة لقاء سيدي صاحب السمو الملكي أميرنا المحبوب الحسين بن عبدالله الثاني مع قناة العربية المعروفة. كانت كلماته تطفو فيها البساطة على عمق السياسة، فخلتُه يتكلم عما في قلبه وليس عما تحتويه الأوراق والأجندة وخطط المستقبل.
لقد لمست من دفء كلامه وتدفق مشاعره محبة الناس بل وكل الناس، وكأنك ترى العزم بين طيات كلامه كأبيه الملك الإنسان وجده الحسين الباني. لقد اشتملت إجابة سمو الأمير في معرض رده على الاسئلة والتعليقات من المذيع المخضرم في قناة العربية طاهر بركة، ما يكتنزه من أفكار وما يجيش فيه من مشاعر جياشة واورد قناعاته ورأيه بوضوح بالغ فقد أشار سموه إلى الكارثة الإنسانيّة في غزة وحجم الشهداء الكبير والدمار وذكر تبعيات «الربيع العربي»، وخسارة الأردن من توقف الغاز المصري وإغلاق الحدود من سوريا، لكن صمود الجبهة الداخلية في الأردن العزيز بأهله جعلنا صامدين بوجه المخاطر والمحن المحيطة.
في كثير من الأحيان الحكومات المتعاقبة تتوقف عن مشاريع وطنية مرتبطة بإعداد الأجيال وصقلها مثل خدمة العلم بحجج الكلفة والموازنة والأولويات للأمور اخرى، لكن سمو الأمير الشاب لديه قناعه ذكرها بأن خدمة العلم هي مصنع الرجال فمنها تتعمق الوطنية والانتماء لهذا الوطن الطهور وتشتد سواعد الشباب.
إذن لا مجال لإهدار الوقت والانصراف للسمر بل نريد حياة السمر العسكرية التي تتشبث بالأرض وتدافع عن ثرى الأردن بالغالي والنفيس، فقد كانت إشارة سموه إلى ساعة يده التي يراها كعسكري لماذا يختلف موقعها في يده عن أيادي الناس! كانت إجابة سموه في معرض اسئلة المذيع لماذا ساعة اليد هكذا تلبسها يا صاحب السمو؟. فقد شرح مباشرة بأنه عسكري وبحالة التسديد والرماية في ميادين الجندية يرى الوقت!! ولعل المعاني تتعدد في هذا السياق فالوقت لابد أن يكون حاضراً في خططنا وإنجاز برامجنا، ويدفعنا للعمل فهذه رسالة عميقة مثيرة للإعجاب وتدلل على الكثير من الوعي والصلابة في المواقف والحرص على الإنجاز لمصلحة الوطن ورخاء أهله. لابد أن تدركه الحكومة أو أن تتدارك الإسراع في تفعيل قانون خدمة العلم بشكل يخدم أجيال الأردن ومستقبلهم، لأنها مسألة مصير وقواعد بناء رصينة للأجيال القادمة من ابنائنا.
لا يخفى على أي منا أن ميادين العسكرية تشد عود الشباب، وتبني الرجال، والأردن كله ابناء الرجال، ولعلنا نبصر يوماً تتلاشى فيه موضات الألبسة والتقليد الأعمى للغرب، ونرى رجالات من الجباه السمر، ولا نرى شباباً تبحث عن الفشل والميوعة، فقد حان الجد والحرص على بناء مستقبل الوطن وحمايته.
وطني الأردن مليء بالخير العميم وحباه الله قيادة واعية قريبة جداً من شعب يحبها وتحبه، ومع هذه المحبة والولاء الصادق، لابد أن تتعزز الكفاءة في اداء الواجب والعمل، وأن يوسّد الأمر لأهله من الخبرات والقادة الطامحين لتقديم أفضل ما لديهم من العطاء، فقد بيّن صاحب السمو ولي العهد أنه حتى في موظفي القصر دوماً البحث جار عن الكفاءة الوطنية، وعن المتميز الذي يتفاعل مع عملية التطوير وانعكاساته على كل برامج التنمية في جميع القطاعات المختلفة، فما أحوجنا للكفاءة الوطنية التشاركية الهادفة لخدمة الأردن بعيداً عن المناطقية والشللية المقيتة.
سمو ولي العهد في مقابلته تخللها كثير من الإشارات الواسعة وصدرت من حصيلة تجارب عميقة ومحن كبيرة ألمت بنا وبجوارنا. نحن بخير لكننا نريد المزيد من الإصلاحات والثناء على كل الجهود الطيبة والإيجابية الذي تبذل في كل مكان من وطننا.
كل الأمنيات الطيبة لسمو ولي العهد المبادر النشط، الذي يُمثل جيل الشباب الأردني وتطلعاته إلى المستقبل، رغم ثقل المسؤوليات الجسام، لكن ما تزال فينا ولدينا عزائم ستحقق المستحيل لأننا نستشرف المستقبل ومقدار الوعي والحرص، ولا خوف على وطن نحن أهله وحراس حدوده، طالما يتقدمنا «أبي الحسين» وولي عهده الأمين.