لماذا يستهدفون عمان؟ استهداف عمان الآن صار غاية تجمع أطرافاً عديدة على اختلاف مصالحهم ومشاربهم، ظنوا أن دعواتهم وتأمرهم ستنال من جسد الدولة الاردنية وثباتها ؛ لكن صدمتهم متانة الجبهة الداخلية والروح الوطنية الشاملة بقوة وإرادة مضاعفة لا تلين، وهم يحلمون بإعادة رسم خرائط جديدة تبعا لحسابات (المختبرات السياسية) لكنها جاءت خاطئة كسابقتها. وظن أصحاب الأجندات المعادية للدولة الاردنية إن عمان ستدين لهم وتذعن وتتقبل فور إطلاق دعواتهم للتمرد على النظام العام لخلق حالة من الارباك السياسي للمشهد الاردني وبتوقيع وكلاء هذه المهمة، وهذا يدلل أن سيناريو اختطاف الدولة الاردنية ظل جاهزاً لديهم للعرض حسب تقدير لحظة الانقضاض.
جغرافيا التحديات ترسم خرائط الاستهداف، لماذا استهداف الدولة الاردنية؟ وما المطلوب من عمان؟ إلى أي مدى صارت المواجهة لعبة صفرية؟ ولماذا أزعج الصمود والثبات الاردني كل قوى الظلام ودويلات التمويل والخلافة؟ حسابات الجغرافيا والتاريخ تقول إن هناك دوافع كثيرة لاستهداف الدولة، مشروع السيطرة على الإقليم ليس له طريق آخر سوى الاردن، وسقوط رهاناتهم وأعوانهم ووكلائهم امام ثبات الاردن وفشلهم في اقناع الاردنيين بقصصهم، كما حاصر موقف الأردن من جميع القضايا وفي مقدمتها القضية الفلسطينية الخذلان في الداخل والخارج، ولم تفلح حروب القوى الناعمة في تحقيق حلم السيطرة على مفاصل الدولة، وفي استراتيجية الاستهداف تصدر مشروع تغير الهوية الاردنية قائمة أولويات هذه الجماعات، لكنهم فشلوا فشلاً ذريعاً.
مهد الحضارات والثقافة والتاريخ لا يمكن أن ينصاع إلا لإرادة الأردنيين الأحرار ولن يرتدي ملابس الظلام، وطن الهاشميين والأردنيين لن تسكن عقله أفكار هدامة خارجة عن مبادئه ورسالته، لذا فقد تهاوت رهاناتهم وتنظيمها الدولي، وانكشفت ملامح الزيف والخداع والفوضى وانتصرت هوية الدولة الاردنية وأصيب المشروع الهدام بكسر لا تصلح معه «الجبائر» السياسية فهوى.
وبنظرهم، لا بد من مواصلة الاستهداف للدولة الاردنية؛ فالاردن هي المفتاح إلى الإقليم، وسد قوي أمام الأطماع الخارجية وهي حجر عثرة أمام تحريك باقي أحجار المنطقة، وثباتها يعطل تغيير الخرائط، وصعود الاردن وثباته في المنطقة خاصة في الاحداث الاخيرة التي تستهدف القضية الفلسطينية برمتها والاعتداء الاسرائيلي الهمجي المتواصل على غزة وقبلها قضايا المنطقة الكبيرة ودور الأردن الريادي والفاعل والمسموع في المجتمع الدولي وعلاقتها المميزة مع اوروبا وامريكا ضاعف من جغرافية التحديات، وصعوده بهذه القوة يضعف امامه الكثير. وهنا لا بد من وقفة... فقد كشرت الدولة الاردنية عن أنيابها، فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية باعتبارها خطا أحمر، وباعتبارها أمنا قوميا لا يتوقف عند الحدود الجغرافية للدولة، بل يمتد إلى عمقها الأمني وفي محاربتها للمخدرات ووكلائهم في الداخل والخارج، والهدف الرئيسي هو الاقتراب من الداخل والحدود الأردنية.
دوائر التربص والمؤامرة تتسع ضد عمان. في الشمال والشرقي مواجهات عسكرية مع تنظيمات وميليشيات إرهابية استوطنت هناك منذ اندلاع الازمة السورية، وفي الغرب يواجه الأردن تجاوزات سياسات حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة وحلفائها للقانون الدولي وتسعى لتصفية القضية الفلسطينية، ودعوات التسليح للمتظاهرين تتعالى ووتيرة التحديات متلاحقة وسريعة، راهنا على إضعاف الدولة، فصدمتهم ثبات وقوة وصمود مؤسسات الدولة، والان يحاولون بث الفرقة بين الاردنيين، فحاروا في اصطفاف الشعب خلف القيادة السياسية الاردنية، ويرون أن الوقت مناسب للاستفزاز والاستهداف، وغيرهم يعاند عمان أيضاً، ويراهنون أيضا على أن الاردن مشغول بمواجهة تحديات اقليمية، ومواجهة الإرهاب في حدوده الشمالية الشرقية واشغاله هناك، كل ينتهز الفرصة باستهداف الدولة، لكن عمان يقظة بهمة ابنائها على جميع الجبهات.
وختاما: دائماً المتغيرات داخل الأردن تعكس الأطماع صوب الإقليم؛ فعمان لا تفرط في المصالح والأمن القومي العربي، ولن تتخلى عن أي من أشقائها وأهدافها العروبية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ذلك المعنى يوغر صدر الطامعين، الحلم الفارسي في المنطقة لا يريد استقرار عمان، التحديات كبرى، واستهداف الأردن هو استهداف للمنطقة.