ان احتفالنا، بعيد ميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين لا يمكنه أن يرتكز على الإطار الاجرائي التقليدي لميلاد أي قائد.
اننا نحتفل بإنسان وجوده ووعيه وحكمته
ادت الى تحول استراتيجي في اسناد القضية الفلسطينية واخراجها من الضبابية والابعاد التقليدية للوقوف مع كل ما يطمح إليه الشعب الفلسطيني بشكل مباشر وضمن اطار ممارسة دبلوماسية مباشرة وضعت النقاط على الحروف.
ان جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وخلال مسيرته ومنذ نعومة اظفاره وصولا الى تسلمه سلطاته الدستورية كانت منطلقاته النظرية والفلسفية والفكرية تتمحور حول الهم الوطني كأولوية والابعاد القومية منطلقا من البعد العروبي والقومي للثورة العربية الكبرى ومحورية البعد الفلسطيني وترابطه غير القابل للقسمة في سياق اي تحول يضع الاردن وفلسطين على ابواب المواجهة في صراع الهويات.
وهذا بالضبط ما أشار له جلالة الملك في كلمته في حفل الدعاء الوطني 71 في واشنطن الخميس الماضي بصياغة تقشعر لها الابدان عندما قال » ان القدس بالنسبة للأردن ولعائلتي الهاشمية، لم تكن امرا سياسيا قط بل هي ترتبط بهم بشكل شخصي،
فمنذ اكثر من مئة عام، حملنا امانة الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس «مضيفا جلالته
الى ارتباط حياة الهاشميين على مدى عدة أجيال بالمدينة المقدسة » انتهى الاقتباس
وارتكز في ذلك على مدرستين عميقتين في صقل فكره المتقدم مدرسة الراحل الكبير جلالة الملك الحسين بن طلال ومدرسة الجيش العربي المصطفوي وهو ما انتج مزيجا من الحكمة والصلابة والحزم وهو ما نعكس على أداء جلالته.
عند استلامه سلطاته الدستورية فقد وضع نصب عينيه هدفا لا تراجع عنه في جعل القضية الفلسطينية محورا اصيلا في البناء والتكتيك السياسي وكشف الغطاء من خلال حكمته ورؤيته الواضحة وقدرته على اختزال الموقف الدولي بان هذا الكيان لا يمكنه ان يكون جزءا طبيعيا من المنطقة رغم الماكينة الاعلامية الهائلة والتي كانت تشوه الحقائق وتقود الرأي العام الدولي قد جعلها في مأزق حقيقي عندما تماهى مع كل المبادرات الدولية لحل الصراع العربي الصهيوني حتى تلك المبادرات التي لم يكن الاردن يوافق على بنودها.
ولكن هذه السياسة كشفت الغطاء عن الجوهر العنصري والفاشي لهذا الكيان وصنعت اختراقا في توجهات الرأي العام العالمي لصالح القضية الفلسطينية في تحول محوري في سياق المقاومة الشرسة للشعب الفلسطيني على الارض.
وتجلي الدبلوماسية الاردنية وتنسيقها مع منظمة التحرير الفلسطينية على اعطاء المقاومة والمواجهة الشرسة ابعادا دبلوماسية جعلت الكيان الصهيوني معزولا دبلوماسيا وفرضت عليه معيار حل الدولتين وهذا يعتبر انتصارا اوليا في سياق صراع الهويات، وهذا ما قيد الدبلوماسية الصهيونية فأينما تذهب خارجية دولة الاحتلال تصطدم بحل الدولتين كأساس للحوار.. فطوبى لك جلالة الملك في ترسيخ ذلك في الوعي الجمعي الدولي.
اذن هي ذكرى تجسد حليفا استثنائيا للقضية الفلسطينية بالتوازي مع الدعم المباشر غير المسبوق للشعب الفلسطيني ومقاومته في ابعادها الدبلوماسية والانسانية والتي ترجمت من خلال توظيف مكانة جلالة الملك الدولية وواقع الأردن الجيوسياسي وتفاهماته لتخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني وفرض تسهيلات اجتماعية وطبية تخفف من وطأة وحشية هذا الاحتلال.
اننا نتماهى تماما مع توجه الدبلوماسية الاردنية في ابراز البعد السياسي للوصاية الهاشمية عندما يتعلق الامر في الحلول السياسية للقضية الفلسطينية وهو الذي يثبت مرتكزات مبادئ منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني في سياق برنامجها المرحلي والاستراتيجي القائم مرحليا على برنامجها في اقامة الدولة الفلسطينية على الاراضي التي احتلت في عام 67 وايضا لتثبيت قواعد البرنامج الاستراتيجي للشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة على كل الاراضي الفلسطينية التاريخية من بحرها الى نهرها.
اننا نعتز بهذه القامة العربية التي لم تلتفت الى كل الضغوط الدولية من اجل التراجع عن مواقفها ودعمها اللامحدود للشعب الفلسطيني وحرصها على ابقاء الهوية الوطنية الفلسطينية بندا مستداما على اجندتها دوليا ومحليا.
اننا مطمئنون تماما ان ما يقوم به جلالة الملك والشعب الاردني العظيم يصب في مصلحة شعبنا الفلسطيني وهو سلاح فتاك في سياق تحقيق اهدافنا المرحلية والاستراتيجية وان هذه المرحلة التاريخية من عمر الصراع العربي الصهيوني تتطلب ذكاء استراتيجيا في قراءة كل خطوات جلالة الملك في سياق صراعه الدولي لصالح قضيتنا.
هنا أود أن أنوه إلى أهمية وجود جلالة الملك في خضم الصراع السياسي والسبب ما يلي:
ان كلمة الصراع العربي الصهيوني كانت ستلغى لصالح مصطلح الصراع الصهيوني الفلسطيني وذلك لعزل فلسطين عن بعدها القومي.
فلولا دخول جلالة الملك على خط هذا الصراع والذي ابقى البعد العربي القومي والاسلامي والمسيحي حاضرا في كل مراحل تتطور المواجهة مع هذا الكيان الفاشي.
وما يحصل الان في غزة والعدوان الغاشم الذي يقوم به الكيان الصهيوني من الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وقتل الأبرياء المدنيين من النساء والأطفال وهدم للمنازل واستهداف المستشفيات ودور العبادة والحصار الممنهج لغزة لقد حذر منه جلالة الملك من قبل تشكل هذه الحكومة التي جاءت لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن وفلسطين وهدفها الضغط على الشعب الفلسطيني لتنفيذ مشروع الترانسفير التهجير القسري ولكن الموقف الأردني الحاسم والجازم رفض رفضا قاطعا مخطط الكيان الصهيوني ولن ولم يقبل الأردن أي عملية تهجير للشعب الفلسطيني من الضفة الى الأردن.
لذلك فان الشعب الأردني لا يمكنه الا ان يكون سندا حقيقيا لكل فعل سياسي ودبلوماسي يقوم به جلالة الملك اطال الله في عمره وحفظ الله من خلاله الشعب الاردني العظيم والذي اثبت انه مبارك وانه لن يكون جسرا لاي مخطط ينتهك قدرته ومكانه كمرابط في اكناف بيت المقدس.
حمى الله الأردن وطننا عزيزا شامخا في ظل قيادة مليكنا الهاشمي المفدى وكل عام وجلالة الملك وولي عهده الأمين الأمير الحسين بألف خير.