بعيداً عن حسابات الربح والخسارة لعملية «طوفان الأقصى» وتداعياتها، مما لا شك فيه أن الاحتلال تلقى ضربة في الخاصرة كسرت صورته وهشمت هيبته وآلمته وأوجعته كثيراً وضربت مصداقيته الإعلامية بعرض الحائط رغم مناصرة «إكس وفيسبوك»، ومحطات إعلامية عالمية ومحاولات حجب المحتوى المؤيد للحق الفلسطيني عبر خوارزمياتهم؛ إلا أن «المقاومة الفلسطينية» استطاعت قلب موازين الرأي العام العالمي والغربي ولو بالشيء البسيط تجاه القضية الفلسطينية، ومن خلال تعامل المقاومة بأخلاقها مع الرهائن بطرق إنسانية نالت اعجاب العالم، وذلك بشهادات ا?رهائن انفسهم وهذا ما انكره الاحتلال بحجة اعطائهم مسكنات السعادة ليظهروا بهذا المنظر فخروجوا يتحدثون عن إنسانية المقاومة وأخلاقهم حتى كلبهم كرم.
ولقد اسهمت هذه المعاملة الحسنة ما كشف مزاعم إسرائيل الكاذبة وتوصيفاتها المُغرضة وأحاديثها المُضللة عبر جيشها وذبابها الإلكتروني ومنصاتها وجبهاتها الإعلامية، ما جعل الرأي العالم العالمى يُعيد النظر فيما تقوله إسرائيل وما تدعيه من أساطير خرافية وعلى الأخص بشأن تعاطف الرأي العام العالمي مع الرواية الإسرائيلية الواصفة دائماً المقاومة والفصائل الفلسطينية بأنها «إرهاب وحشي».
لذلك فإن هذا انتصار أخلاقي وأعلامي لا يقل عن انتصارات الميدان العسكري، لأن الاحتلال يُدرك تماما أن خسارته هذه المعركة ستكلفه الكثير والكثير سواء على مستوى الدعم العالمى أو التعاطف الغربى، وأن هذا بداية مسمار في نعش مشروعه. والمتتبع لأحاديث وتسريبات الرهائن حول معاملتهم الجيدة من قبل المقاومة، ومشاهد الوداع بين الرهائن وعناصر المقاومة المسؤولة عن التسليم أثناء عملية تبادل الأسرى يرى هذا النجاح الذى حقق نتائج مثمرة في الدفاع عن القضية وشرف صمود الشعب الفلسطينى وأبطال مقاومته.
وما تم تداوله على شبكات التواصل الاجتماعي والمحطات الإعلامية، لما جرى خلال الأسابيع الاولى من «طوفان الأقصى» مهزلة كارثية بكل المقاييس سواء إطلاق الشائعات أو الأخبار الكاذبة والتلفيق، التي سرعان ما انتشرت كالنار في الهشيم، وتناولتها القنوات الغربية بانحياز كامل للسردية الإسرائيلية، وكانت المهزلة كذلك في كيفية توظيف أكاذيب الاحتلال بإقدام «المقاومة» على قطع رؤس الاطفال والاعتداء الجنسي على القاصرات والتعذيب بحقهم، وقد أحدث ذلك قلقًا، وربما فزعًا لدى الناس لكن سرعان ما تبدد أمام الحقائق التي لا تخفى على أحد.
لذا، كلنا أمل في استمرار «المقاومة» لهذا النهج والحفاظ على هذا النصر وتعزيزه، لأن كسب معركة الإعلام والوعي لا تقل عن كسب المعارك بالسلاح والطائرات والصواريخ والراجمات والبوارج الحربية، لذلك نأمل من كل الوسائل الإعلامية العربية والإسلامية ضرورة تعزيز هذه المشاهد، والحديث الدائم عن هذه المواقف لترسيخها في وجدان الرأي العام العالمي والعربي والإسلامي، وفي نفس الوقت مُحاصرة سردية الاحتلال حتى لا يُفكر في كيفية الخروج وإيجاد ثغرة لأنه لن يقف صامتا.
ختاماً.. أدعو الكل في ظل زمن الفضاء المفتوح إلى النشر وضرورة التوثيق من قِبل المؤسسات الإعلامية والتوعوية ومن قبل الأشخاص، فمن يمتلك صفحة أو منصة أو «قروب» على مواقع التواصل الاجتماعى فهو يمتلك منبراً إعلامياً خاصة أننا نعيش إعلاماً جديداً قائم على السوشيال ميديا والعالم الافتراضي في التأثير والانتشار.
[email protected]