في عصر الحمل الزائد للمعلومات والقلق الذي يعتري المستخدمين حيال أمنهم التكنولوجي وعدم اليقين الكامل بصحة المحتوى المُقدم بشكل مباشر، فإن مصداقية المعلومات وموثوقيتها وعدالتها ودقتها لا تزال تشكل هاجساً للمستخدمين. إن مصداقية المعلومات هي مدى إيمان المستخدم بالمحتوى المقدم على الإنترنت. في كل ثانية تتشكل كميات هائلة من البيانات، التي تحتوي بداخلها على العديد من الأنماط والاتجاهات السلوكية، حيث أصبحت البيانات المنشورة على شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي ومنتديات المناقشة موضوعاً مهماً للغاية للتحليلات وكذلك النقاد لأنها تعكس السلوك الاجتماعي والخيارات والتصورات وعقلية الناس. ينظر المشرعون وصناع السياسات إلى البيئة الرقمية بأنها بيئة نظيفة في جوهرها، ويسعون لترجمة ذلك من خلال الأنظمة واللوائح والتعليمات والقوانين التي لها أن تبقي هذه البيئة على نقية ما أمكن. فإن كلمة تلوث تعني بشكل عام أن الملوثات لها مصدر بشري، أي ناتجة عن الأنشطة البشرية إما من مصدر ثابت أو غير محدد المصدر.
إن الاتصال الرقمي ينقل كمية كبيرة من المعلومات التي لم يتم التحقق منها بشكل كاف وموثوق عبر الشبكات، مما يؤدي إلى تضليل عدد كبير من المستخدمين لكافة فئات المجتمع. لذا يعد الكشف عن المحتويات الزائفة المتداولة على الويب واحتواؤها في الوقت المناسب أمراً هاماً لزيادة مصداقية الشبكات والتخفيف من الآثار المدمرة للتلوث الرقمي أي تلوث المعلومات. التلوث الرقمي هو كيفية تلوث محتويات الويب عن قصد أو عن غير قصد. قد تكون المعلومات الكاذبة بأشكال مختلفة مثل أخبار مزيفة أو شائعة أو خدعة وما إلى ذلك من الحيل التي تؤثر على المجتمع البشري بطريقة سلبية. فإذا حصلنا على المعلومات دون تيقن بشأن صحتها، فسوف يتعين علينا أن ندفع الثمن على المدى الطويل. يتميز نشر المعلومات على المواقع بميزات زمنية قوية مثل التحديثات المتلاحقة، وإغراق جميع المنصات بكرنفال من المعلومات في وقت قصير دون التحقق منها. فالعناوين البراقة والمثيرة تخلق محتوىً ولكن ليس لدى القراء الوقت لقراءة محتوى الفعلي، وهكذا فإن العناوين الجذابة تولد معلومة مزورة يساء فهمها.
من أهم خصائص المعلومات المحاسبية التي يطلبها المستخدمين: الملائمة والموثوقية، وعليه فإن معايير المحاسبة الدولية ساهمت في تطوير محتوى المعلومات التي تتضمنها القوائم المالية وركزت على زيادة الإفصاح المحاسبي بأشكاله المختلفة والمعلومات المحاسبية الموجهة للمستخدمين. ونتيجة ارتقاء مضمون القوائم المالية واكتمال محتواها وجودتها لاتخاذ قرارات في الوقت المناسب تطور مفهوم الإعلامي المالي الرقمي المناوىء لمفهوم التلوث الرقمي. حيث إن التطورات الاقتصادية وانفتاح الأسواق الحالية واتساع الاستثمارات الاقتصادية والمالية أدى بالمحاسبة لتلبية احتياجات المستخدمين في التنبؤ بالاحداث المستقبلية. واليوم يعتبر مفهوم المحتوى الإعلامي المالي الرقمي مطلب جوهري لكافة كيانات الأعمال لتفادي الانهيارات حيث أن نقص الإفصاح أو التلاعب الابداعي بانتهاج سياسات احتيالية غير أخلاقية تنشىء تلوثاً رقمياً ينعكس سلباً على المستخدمين ما يفقدهم الثقة بالمعلومات المحاسبية المقدمة ويزيد من حالات عدم التأكد ويحلق أضراراً اقتصادية جمة.
