يعتمد الكيان الإسرائيلي في محاولاته لإثبات قدراته العسكريّة على الحرب النفسية والإعلامية مستعيناً بخبرات إعلامية ونفسيّة من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والدول الداعمة له، وهو بلا شكّ يتقن هذه اللعبة إتقاناً فائقاً مستغلّاً ضعف وسائل الإعلام العربيّة وقوّة وسائل الإعلام التي نذرت نفسها لخدمته. ولا أشكّ في أنّه يولي أهميّة كبيرة للحرب النفسيّة وتقنياتها المختلفة لأنها تحقّق له فعاليّة كبيرة في إضعاف معنويات العرب مهما بلغت إنجازاتهم في مقارعة المحتلّين.
ويحرص الاحتلال على محاولة ترسيخ قاعدة حربيّة- تنطلق أساساً من قواعد الحرب النفسية- وهي إقناع الخصم العربيّ وإقناع المواطن الإسرائيلي أنّ كل من يلحق الأذى بالكيان الإسرائيلي لا بدّ من الوصول إليه وقتله أو اعتقاله، ولا يكاد خطاب من خطابات رئيس وزرائهم بنيامين نتنياهو يخلو من الإشارة إلى هذه القاعدة وتأكيدها، ولا سيّما بعد كل جريمة يرتكبها الاحتلال في مدن الضفّة الغربيّة وقراها ومخيّماتها متذرّعاً بأنّ من جرى اغتياله أو تصفيته كان يحاول طعن جنديّ أو مهاجمة مستوطن أو ما شابه ذلك.
إنّ إلحاح قيادات الاحتلال على إبراز هذه القاعدة هدفه أوّلاً زرع اليأس في نفوس المقاومين وإقناعهم بعدم جدوى مقاومتهم، وثانياً إقناع سكّان المستوطنات أنهم آمنون ولا خوف عليهم.
غير أنّ هذه القاعدة التي يحاول قادة الاحتلال إقناع العرب والإسرائيليين بها تقوم على الكذب وتزوير الحقائق وافتعال الأحداث وادّعاء الانتصارات؛ فعند وقوع عملية للمقاومة في مكان ما تهرع قوات الاحتلال إلى أي قرية عربيّة مجاورة وتعتقل بعض شبّانها وتقول إنّها ألقت القبض على الفاعلين، وفي أحيان أخرى تقوم باغتيال شابٍّ هنا أو شابّ هناك لتقول إنّها نجحت في تصفية من قام بالعمليّة؛ مع أنها قد تنجح أحياناً بسبب قوة وسائلها الاستخباراتية والتكنولوجية.
ومن أكاذيبهم في هذا السياق أنّهم يكثرون من ادّعاء إحباط عملية هنا أو عملية هناك، لإيقاع اليأس في نفوس من يخططون للقيام بأي عملية للمقاومة، ويكون ذلك عارياً تماماً عن الصحة.
ومن أكاذيبهم كذلك أنّهم يخفون الأخبار عن القتلى من جنودهم ثم يعلنون بعد أيام عن وفاة جنديّ أو ضابط أو أكثر في حادث سير أو في مناورة عسكريّة أو غير ذلك.
إنّ ممّا يرفعون به معنويات الإسرائيليين أنّهم في كلّ ليلة يقتحمون قرية وادعة فيعتقلون من شبابها ما يستطيعون اعتقاله ثمّ يدّعون أنّهم اعتقلوا مقاومين كانوا يخططون للقيام بعمليات ضدّهم.
إنّ اقتحام القرى واعتقال الفتيان العزّل أو اغتيالهم ليست من البطولة أو الشجاعة في شيء، بل هي دلائل جبنٍ وعجز وخوف، لكنهم يستخدمون هذه الإجراءات لإقناع الإسرائيليين بأنّهم آمنون، ولمحاولة إقناع المقاومين بعدم جدوى مقاومتهم.