خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

الفاقِد الأهمّ

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. أحمد يعقوب المجدوبة

كَثُرَ الحديث مؤخراً عن «الفاقد» التّعليمي، والذي ارتبط بجائحة كورونا بالدرجة الأولى، التي حرمت العديد من طلبة المدارس، وربما كلّهم، من فُرَص تعلّم تُقدّر حسب التصريحات الرسمية بنِسبٍ تزيد على النصف مما كان يجب أن يتحقق لو أن الجائحة لم تحدث وتُربك المشهد وتُعطّله في بعض الأبعاد.

وهذه النِّسب، إن كانت دقيقة ومبنيّة على تقييم علمي للواقع، هي نِسب كبيرة حقاً وتدلّ على وجود فاقد تعليمي جوهري، لا بل مُقلِق.

ومن هنا فالحديث عن الفاقد على هذا البُعد أمر مهم بهدف تشخيص الخلل وتعويض الطلبة عما فاتهم من تعلّم.

بيد أنّ هنالك «فاقداً» تعليمياً من نوع آخر قلّما نتحدث عنه تحت هذا المفهوم، مفهوم «الفاقد»، وإن كان كثيرون يُشيرون إليه تحت عناوين ومُسمّيات أخرى.

ونقصد بالفاقد على هذا البعد ما يخسره الطلبة، في الوضع «الطبيعي» الحالي، من فُرص تعلّم تتجسّد في نِتاجات ومعارف ومهارات عُليا نتيجة قصور وخلل مُستفحلين في نظامنا التعليمي ذاته.

من المعروف أن نظامنا التعليمي المدرسي، رغم إصلاحات هنا وهناك، بعضها مؤثّر وبعضها شكلي، ما زال نظاماً تقليدياً لا يُحاكي العصر كما يجب، ويُركّز في المقام الأول على مهارات دُنيا وبسيطة، تقع في أدنى هَرَم «بلوم»، معظمها لم يعد مفيداً في سياقنا المعاصر، وبالذات عند الحديث عن مهارات الثورة الصناعية الرابعة، والآن ثورة الذكاء الاصطناعي.

ما زال نظامنا يُهمِل، أو لا يعطي التركيز الكافي، للمهارات العصرية الأعلى المطلوبة في سوق العمل وفي الحياة، ومنها مهارات التفكير بشكل عام، بما فيها التفكير التّحليلي والتفكير النّاقد والتفكير الخلاّق والإبداعي والابتكاري ومهارات التواصل والتصميم، والمهارات الثقافية والشخصية وغيرها؛ ويركز بدلاً من ذلك على مهارات عفا عليها الزمن، أو أصبحت أقل أهمية، وعلى رأسها حفظ المعلومة وتذكّرها.

وهنالك دراسات رصينة ومؤشرات موثوقة، رسمية وغير رسمية، تشير صراحة إلى هذا القصور أو الخلل؛ رغم أننا لم نتّخذ الخطوات الكافية في هذا الاتجاه بعد.

ونقول دوماً، لم يَعُد أحدٌ يُوظِّف خريجاً لأن لديه معلومات أكثر من غيره، فالمعلومات كلّها متوافرة بكبسة زر ولا داعي لحشوها في عقل الإنسان. الناس تُوظف بناء على المهارات العملية التي يمتلكها طالب الوظيفة، ومن أهمها ما ذكر للتو أعلاه.

إذاً ما دام نظامنا التربوي المدرسي لا يقترب، أولاً، من تمكين الفرد من المهارات العليا والعصرية المطلوبة، كما يجب، وثانياً من سَبْرِ غوْر قدرات الفرد وإمكاناته ومواهبه الكبيرة، والتي لا تقلّ عن قدرات وإمكانات ومواهب نُظرائه في الدول المُتطورة، فهذا هو في اعتقادنا «الفاقد» الذي يجب أن نتحدث عنه اليوم ونضع الخطط الكفيلة بمعالجته، وليس الحديث فقط عن فاقد تم خلال الجائحة جُلّه معلومات ومهارات دنيا.

لا نُقللّ من قيمة الفاقد الأخير، كما أسلفنا، لكن الفاقد الذي يجب أن يَقُضّ مضاجعنا ويستنفر طاقاتنا وقُوانا هو الفاقد النّاجم عن القُصور في نظامنا المدرسي والذي نتحدث عنه، على نحو مباشر وغير مباشر، لعقود ولم نفعل شيئاً جوهرياً بشأنه لغاية الآن.

فهذا هو الفاقد الأهمّ.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF