خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

من مُستقبِلٍ مُتلقٍ إلى مُستقبِلٍ فاعل

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. أحمد يعقوب المجدوبة

في علم الاتّصال (أو الإعلام أو التّواصل) يتم التفريق بين المُرسِل والمُستقبِل. فالأول هو من يُنشئ المحتوى ويُصمّمه ويبثّه، والثاني هو من يتلقّاه، مُصغياً مُستوعباً مُلِمّاً.

لعقود طويلة، وربما لمئات السنين أو آلافها، كان المُرسل يحمل صفة الفاعل، والمُستقبِل صفة المفعول به.

وربما كان لذلك ما يُبرره.

منه أن المُرسِل كان، في الغالب الأعم، يتحلّى بالدّقة والمِصداقية والمهنيّة. ومن هنا كان المُستقبِل يكتفي بالتّلقي أو التّلقّف. وكان المحتوى، في الغالب الأعم أيضاً، يُؤخذ على علاّته.

والمُثقَّف، في عُرف ذلك الزمن، كان من يعرف أو يُخزّن أكثر من غيره؛ ويسترجع ما يعرف في المواقف التي تتطلب ذلك. ومن هنا عُرِّف المثقف بأنه من «يعرف» كل شيء عن شيء، وشيئاً عن كلّ شيء. واستخدم البعض كلمة «عَلاّمة»، وجذرها «عَلِمَ»، أي عَرفَ.

القصد أنّ الانطباع السائد كان أنّ المعلومة، على نحو عام، كانت موثوقة وصادقة وبريئة؛ ومن هنا كان يقتصر دور الفرد المستقبِل على التّلقي؛ وهذا أمر سهل وسلس ومريح بالنسبة للأخير.

مُؤخراً، مع بروز ما يسمى بثورة المعلومات وتعاظم وسائل التواصل، تغيّرت المعادلة، وتبدّلت أصول اللعبة.

فتَعَدُّد المرسلين وتنوُّعِهم واختلاف مقاصدهم وأغراضهم ومؤهلاتهم جعل مهمة الاستقبال أصعب بكثير مما كانت عليه؛ وأصبح لزاماً على المستقبِل أن يُدقّق في المعلومة ويُمحّصها ويُحاكمها، قبل أن يقبلها ويُخزّنها.

هل هي دقيقة؟ هل هي صحيحة؟ هل هي مجرد رأي أم انطباع أم إشاعة، أم افتراءٍ أو كذبٍ في وضح النهار؟؟

تغيّرَ دور المستقبِل تغيّراً جوهرياً؛ فبعد أن كان مُتلقياً «سلبياً»، أصبح مطلوباً منه أن يكون نَشِطاً فاعلاً متيقظاً حذراً فاحصاً مُحللاً ناقداً من الطراز الأول.

أضحت مهمة الاستقبال مسؤولية وعبئاً وتتطلب مهارات ومؤهلات، لم نكن نتحدث عنها من قبل.

وهذه قاعدة جديدة – قاعدة مؤهلات المستقبِل – نجدها في سياقات أخرى، منها المُتعلم في سياق التّعلم، والذي تؤكد الأدبيات التربوية اليوم على أن يكون أيضاً مُستقبلِاً نشطاً فاعلاً مُعتمداً على نفسه في الكثير من عمليات التعلم وأنشطتها، يمتلك مهارات التّحليل والتفكير الناقد وحل المشكلات، لا أن يكون مجرد مُلَقَّنٍ حافظٍ للمعلومة.

ونجدها أيضاً في سياق النظريات الأدبية والتي تُعلي من شأن مؤهلات القارئ وردود فعله النشطة في التعامل مع النصوص الأدبية.

ونجدها في مجال الاتصال أو الإعلام، كما أسلفنا، وهو الأخطر اليوم والأوسع انتشاراً، والذي يتطلب أنشط الأدوار وأبرعها وأكثرها تعقيداً.

والعبء الواقع على عاتق المستقبِل أمر مُهمّ وتَحدّ حقيقي؛ ولا بد من عدة أفعال مؤثرة للتعامل مع هذا التحدي، نذكر منها اثنين هنا:

الأول ويتمثّل في البحث الجاد عن مصادر المعلومة الموثوقة، وبعضها والحمد لله متوافر، ويتكوّن من كتابات ومؤلفات العلماء والمفكرين الأصلاء في ميادين المعرفة المختلفة، ونتائج البحوث والدراسات الرصينة التي تنشر في الأوعية العلمية المعروفة.

والثاني، ويتمثل في التنشئة والتربية والتوعية المستمرة، بدءاً من الأسرة، مروراً بالمدرسة والجامعة، وانتهاء بمؤسسات الدولة والمجتمع المعنية بالأمر.

وبعد، فتأهيل المستقبِل في عالم اليوم أمر غاية في الأهمية، ويجب أن يكون أولويّة أولى.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF