خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

الكرك.. يا مرتع الطفولة ولو لفترة جدُّ قصيرة

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. زيد حمزة

الكرك هي احدى مراتع طفولتي حين كنت في السادسة، ومع أنى لم أقضِ فيها سوى ستة أشهر الا ان بعض تفاصيلها لم تبرح ذاكرتي حتى بعد مرور خمس وثمانين سنة! كنت ازورها مع صديق قبل أيام والطقس المشمس في أجمل تجلياته مودعاً فصل الشتاء ومقبلاً على بهجة الربيع، جلسنا في ظلال قلعتها التاريخية نحتسي القهوة مطلين غرباً على جبالٍ يانعة الخضرة تشرح الصدر وتذكرني ب «السيل» في اوديتها ونُزهات العائلات على جوانبه وفاكهة السفرجل التي لا مثيل لطعم «معقودها»، وحولنا سياح يتجولون على شرفات مطعم انيق أُقيم في السراي وهو مبنى تاريخي ع?يق منذ العثمانيين ما زالت ذاكرتي تعي فيه مكتب والدي مدير المالية ويضم ايضاً قيادة المنطقة والمتصرفية والمحكمة والسجن، وبالقرب «الصحية» واظن ان طبيبها كان الدكتور مختار المفتي، ونظراً لعدم وجود ازدحام فاليوم جمعة، آثرنا التجوال مشياً على الاقدام في شوارعها القديمة الضيقة وقد أسعدتنا نظافتُها، وتذكرت انها كانت في ماضي الزمن مبلطة بالحجارة السود الملساء، وخُيِّل إليّ أن وقع سنابك الخيل عليها ما زال يتردد في أذني، وفي احدها كان دكان البيطار الذي كنا نستمتع بمشاهدته يتأبط ساق الحصان او الحمار ليبدل حدوَته! اما ?ارع الخَضِر فكان فيه شجرة معمرة تُظلُّ ما يشبه مقامه ولدى السؤال عنه يومئذ قيل انه لوليٍّ مقدامٍ من اولياء الله الصالحين قَتَل بحربته ثعباناً ضخماً كان يلتهم أطفال قرية تعيسة! وعرفناه في ثقافات دينية اخرى كالمسيحية قديسٌ يسمى سان جورج او مار جرجس واشتهرت تماثيله وايقوناته ممتطياً صهوة جواده يطعن برمحه ثعبانا هائل الحجم!.

وعندما كنا نقفل راجعين لمحت عن بعد بناءً خفق له قلبي فصرخت كالأطفال هذه مدرستي، وتوقفنا خارج سورها الحديدي نتأملها بطرازها العثماني الجميل (١٨٩٩) ومازالت بفضل الصيانة والترميم شامخة مهيبة، وشاهدت عن بعد شباك الصف الثاني الابتدائي الذي كنت عام ١٩٣٨ احد تلامذته الذين لا اذكر الان أيًا منهم لكن من المعلمين أذكر سعدو البيطار الذي عرفنا بعد ذلك أنه واصل تحصيله بدراسة طب الاسنان في جامعة دمشق وعاد ليعمل في الخدمات الطبية الملكية، اما مدير المدرسة فكان علي سيدو الكردي الذي خلفه فضل الدلقموني، ومن طلاب الصفوف الثا?وية انقل اسماء البعض ليس من الذاكرة وحدها بل من صورة للكشافة من مقتنيات أخي الاكبر نشرتها في كتابي «بين الطب والسياسة» وهم: ياسين المعاني، وديع البرقان، فريد العكشة، طارق شرايحة، يعقوب زيادين، نبيه الشوارب، رزق الرشدان، علي الصوراني، هاني العكشة، زهير حمزة، عبد السلام المجالي، عبد الوهاب المجالي، عبد المجيد المجالي، عطالله سلامة المجالي، عاطف رفيفان المجالي، وقد عرفناهم لاحقًا في عمان في مواقع هامة مختلفة.

وبعد.. لماذا الكرك؟ لست اليوم ولم أكن قط انتقائياً او متحيزاً، لا للسلط مسقط رأسي، ولا لإربد حيث وعيت على الدنيا في أبكر سنوات طفولتي، ولا لعجلون حيث الأهل الأولون، ولا لعمان العاصمة الأغلى والمقام الأطول جُلّ حياتي منذ كانت قرية صغيرة فقيرة يشقى أهلها ببنائها ومعهم الرواد من الشركس والسوريين والفلسطينيين والحجازيين حتى أضحت اليوم مدينة عصرية كبرى.. لكن، يبدو أنني في السنوات الاخيرة من عمري أحنّ بين آن وآخر لذكرياتي في بقعة من الوطن فأكتب عنها، لعل في ذلك رداً لبعض الجميل!.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF