الجميع متفق على أن ما نريده حياة حزبية فاعلة وحقيقية أساسها أحزاب برامجية لها قواعد شعبية وامتداد وتأثير إيجابي على مستوى الوطن، تتمكن من ان تكون لبنة مهمة في مسيرة الاصلاح السياسي الذي يلبي الطموح.
الأحزاب ليست بالشعارات أو الاسماء بل مؤسسات مهمة في النظم السياسية يكون لها أدوار فاعلة ومؤثرة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وصعد الحياة كافة، كما في مختلف الديمقراطيات في العالم.
من هنا يؤشر جلالة الملك عبدالله الثاني راعي وداعم مسيرة الاصلاح والتحديث السياسي على أن المطلوب هو تمكين الاحزاب السياسية عبر الوصول الى أحزاب برامجية لا أشخاص حتى تؤدي دورها بكل اقتدار كجزء محوري في منظومة الحياة السياسية.
المطلوب اليوم ان يلتقط الجميع هذه الرسائل الملكية الواضحة والتي لا تقبل التأويل أو التشكيك بان الاردن ماضٍ في عملية الاصلاح السياسي الى ان تؤتي أكلها والوصول الى الاهداف السامية المرجوة منها ضمن اطار عملية التحول الديمقراطي الذي يخدم المصالح العليا للدولة.
أحزاب عديدة تقدمت للحصول على التراخيص القانونية وستدخل بوابة الحياة الحزبية قبيل الولوج الى استحقاقات دستورية على رأسها الانتخابات النيابية القادمة، عليها أن تستعد وتنظم ذاتها وأن ترسم خارطة طريق واضحة المعالم لادوارها وبرامجها الحزبية وصولاً لتحقيق أهدافها وأبرزها تشكيل حكومات حزبية.
لكن السؤال الأبرز والذي يطرح نفسه بقوة، هل الاحزاب قادرة على أن تدخل الحياة السياسية والبرلمانية من الباب الكبير ويكون لها دور مؤثر واساسي في الحياة السياسية، أم ستبقى مجرد ديكور و«ارمات» واحزاب شخصية دون أدنى تأثير.
الاجابة على هذا السؤال المحوري يتطلب أولا ايجاد بيئة سياسية واجتماعية حاضنة قادرة على ان تكون رافعة للاحزاب للقيام بدوره المؤسسي والسياسي على أكمل وجه، وتكون سندا لها لا طاردة لها.
توافر البيئة الحاضنة يعني بالضرورة وجود قواعد جماهيرية واعضاء مؤمنين بفكر وبرامج هذا الحزب أوذاك ما يتطلب أن تكون الاحزاب مقنعة وجاذبة للمجتمع بكل فئاته خصوصاً فئة الشباب للانخراط بها عن قناعة مفادها انها قادرة على التغيير الإيجابي وتقديم الافضل.
تنمية الحياة الحزبية والوصل إلى أحزاب قوية ومؤثرة لن يأتي صدفة او بسرعة يحتاج الى مراحل من العمل والجد، وصولاً لاحزاب تلبي الطموحات، وبالتوازي مع ذلك ضرورة تشجيع المواطنين على الانتماء لها لتجسيد ثقافة المشاركة السياسية الفاعلة القادرة على التغيير المنشود عبر المشاركة في صنع القرار اذا ما وصلنا الى الحكومات الحزبية مستقبلاً.
إجمالاً نريد حياة حزبية ثرية بكل المقاييس تبدأ بالتدرج لا بتجاوز المراحل والقفز في المجهول وصولاً الى أحزاب قادرة على اقناع المواطن بأنها قادرة على التغيير اذا ما هيئ لها المشاركة في الحياة السياسية عبر بوابة الحياة البرلمانية.