تابع الجميع الأحداث المؤسفة التي رافقت جلسة مجلس النواب، والتي لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن الحالة الديمقراطية الاردنية، ولا تمثل قيم الحياة البرلمانية الأردنية على مر العقود..
لا نريد أن نعمم أو نطلق الأحكام المسبقة والمجردة على مثل هذه السلوكيات الفردية التي تحدث بين الفينة والاخرى في جلسات مجلس النواب، ولا تقتصر على البرلمان الأردني فقط، ففي الكثير من البرلمانات في مختلف دول العالم يحدث بعض الخلافات التي تصل حد الاشتباك والعراك، لكن لا يعني ذلك أن نجعل من هذه الظواهر أسلوباً للحوار والنقاش لأنها أبعد ما تكون عن أدبيات الحوار وقيمته السامية.
بعيداً عن الأسباب والدوافع والمبررات فإن مثل هذه السلوكيات مرفوضة جملة وتفصيلاً ولا تعكس التجربة البرلمانية الاردنية، وعلى النقيض من أدنى الممارسات الديمقراطية التي تقوم على احترام الرأي والرأي الآخر وتعزيز ثقافة الحوار البناء الذي يفضي للفائدة المرجوة.
اجتاحت الفيديوهات والصور فضاءات مواقع التواصل الاجتماعي وانتشرت كالنار في الهشيم وخلقت حالة من الفوضى والسلبية طغت على هذا الفضاء، وخرجت عن المألوف عبر الانتقاد والشتم وبعض الممارسات التي لا تمت لقيم المجتمع الأردني بصلة.
المطلوب اليوم تجذير مبدأ النقد البناء بعيداً عن الاصطياد بالماء العكر تاره, والسعي لبث بذور الفرقة والفتنة تارة أخرى، لسنا مؤيدين لما حدث لكن علينا جميعاً التحلي بأدبيات النقد الموضوعي، بعيداً عن الشخصنة وإخراج الامور عن سياقاتها الطبيعية، وضرورة الابتعاد عن المغالاة والتأزيم.
يقع على عاتق الجميع أفراداً ومؤسسات مسؤولية تجسيد ثقافة الحوار ومأسسته كأسلوب حضاري ونافع للإشتباك مع مختلف القضايا الوطنية والقومية بعيداً عن الشطط والإسفاف والمبالغة التي لا تعود على الوطن بالفائدة بل على العكس تعاكس مصالحه الاستراتيجية العليا.
لا بد من تعزيز مبدأ الحوار البناء في مختلف المؤسسات وان تكون المصلحة العليا للوطن هي بوصلتنا الوحيدة بعيداً عن الاصطفافات والتصيد والشخصنة، والسلبية التي تفيض بها وسائل التواصل الاجتماعي.
إجمالاً، يجب أن نكون على يقين بأن تغليب لغة الحوار هو السبيل الافضل للتعاطي مع مختلف القضايا الوطنية المحورية، الحوار المتاح للجميع من ذوي العلاقة والاختصاص، دونما إقصاءات لأي طرف، حتى نصل في النهاية إلى الغاية المرجوة وهي مصلحة الوطن أولاً وآخرا، ما يعني بالنتيجة أن تجسيد الحوار وجعله واقعاً ملموساً ضرورة ملحة وليس ترفاً..