تشهد مختلف الأصناف الغذائية العالمية حاليا حالة من الجنون على أسعارها وبشكل متسارع وغير مسبوق، ما يجعلنا اليوم أمام تحدٍ جديد وصعب يستوجب المزيد من الإجراءات الوقائية التي تحول دون انعكاسها على السوق المحلي على المديين القصير والمتوسط.
ارتفاعات ملموسة طالت مختلف اصناف الغذاء وخاصة الأساسية منها، والتي لا يمكن الاستغناء عنها، وتدخل في كافة تفاصيل الحياة اليومية للمستهلكين وتعتبر سلعاً استراتيجية لمختلف دول العالم، وأبرزها الحبوب والسكر والرز والبقوليات والزيوت النباتية والتي وصلت نسب ارتفاعها بمختلف الاصناف ما يقارب 32% مقارنة مع العام الماضي.
أسعار المواد الغذائية وبحسب مؤشرات منظمة الغذاء العالمي، شهدت ارتفاعاً كبيراً، حيث ارتفعت أسعار الحبوب بنسبة 27.3%، وارتفاع أسعار القمح بنسبة 41%، وارتفاع أسعار الزيوت النباتية بنسبة 60%، وارتفاع أسعار الألبان بنسبة 15.2%، وارتفاع أسعار السكر بنسبة 53%، وكافة الاصناف التي تعتبر هذه السلع جزءاً رئيساً من مدخلات انتاجها، ما أدى خلال الفترة الماضية إلى ارتفاع معدلات التضخم في دول كثيرة لمستويات عالية وغير متوقعة، وأبرزها الولايات المتحدة التي ارتفعت فيها معدلات التضخم الى ما يقارب 6% وهي الأعلى منذ العام 1990? يقف العالم اليوم أمام جملة من التحديات وهي كثيرة، غير أن الغذاء وتوفيره للمواطنين والمستهلكين من أبرزها، وخاصة أن إنتاج الغذاء بدأ يشهد انعطافا خطيرا من حيث كميات الإنتاج، والتي تأثرت بالعديد من المتغيرات أبرزها التغير المناخي وشح المياه وارتفاع أعداد السكان المفرط في العالم، ما ينذر بارتفاع معدلات الجوع والتضخم والنزاعات الإقليمية، والتي بدأت معالمها في الظهور شياء فشيئاً من خلال التقارير المختلفة.
وتؤكد كافة التقارير وتشير إلى أن أزمة الغذاء وارتفاع أسعاره عالميا مستمرة، وفي حالة تصاعد، وهذا ما يدفعنا إلى أن نكون سباقين لأي تطورات جديدة، من خلال زيادة عدد الإجراءات التحوطية التي تلبي احتياجات المملكة من تلك السلع لفترات أكبر من الطبيعية، وان نبدأ التفكير في تشجيع المزارعين على الإنتاج، وتوفير البيئة المناسبة لهم، وتعويض شح المياه لغايات الزراعة من خلال المشاريع الكبرى ومن أبرزها اليوم مشروع الناقل الوطني وتحلية المياه، بالإضافة إلى تحفيز الشباب على التوجه إلى الانتاج الزراعي وخاصة في السلع الأساسية،?وتوفير أسواق بديلة وقريبة للمملكة لغايات الاستيراد من هذه السلع.
الأردن اليوم أمام ثلاثة تحديات كبيرة، أولها شح المياه وثانيا ارتفاع أسعار الغذاء عالميا والقلق من انعكاسها محليا، وثالثها جائحة كورونا والتخوف من ارتفاع الاصابات، ولأجل التغلب عليها لابد من تشاركية جماعية تجمع القطاعين العام والخاص والمواطنين بشكل عام.
الحكومة قامت بالعديد من الاجراءات لضمان عدم انعكاس تلك الارتفاعات على السوق المحلي، ووضعت العديد منها قيد التنفيذ ضمن اجراءات قصيرة ومتوسطة الأمد، وهنا لا بد من السؤال: هل تكفي هذه الاجراءات لتفادي الأزمة وتطويعها ما لم تكن هناك حلول بعيدة الأمد وجذرية تشجع على الإنتاج والاكتفاء الذاتي من كل شيء؟