دعوات كثيرة بدأنا نسمعها مؤخرا، تدعو إلى وقف العمل «بقانون الدفاع» الذي أقرته الحكومة مع بدء جائحة كورونا العام الماضي، بالإضافة إلى تلميحات بالوعيد والنفير لتجميده، ما يدفعك للسؤال لماذا الآن؟ ومن هو المتضرر من استمراره ومن المستفيد من بقائه؟ وماذا لو أوقف أو جمد؟..
لم يكن هذا القانون وإقراره وتنفيذه من قبل الحكومة السابقة، واستمرار الحكومة الحالية بالعمل فيه مصلحة تريد منها الحكومة أي منفعة أو مصلحة، بقدر ما كان ذريعة وذراعاً لها في حماية صغار الموظفين والطبقات الكادحة والفقيرة والمتوسطة من الآثار السلبية التي خلفتها الجائحة على كافة المستويات والمجالات والقطاعات المختلفة اقتصاديا واجتماعيا، فلولا قانون الدفاع لما كان حالنا اليوم هو الحال وللعديد من الأسباب والايجابيات التي حققها على مدار العامين الماضيين..
قانون الدفاع استطاعت الحكومة من خلاله وضع ضوابط وأسس عمل نظمت فيها الحالة السائدة إبان الجائحة ما بين العامل وصاحب العمل، وما بين الدائن والمدين، وما بين المؤجر والمستأجر، وما بين المواطنين والمقيمين وتعاملهم مع الجائحة، وما بين المستهلك والأسواق، فلولا إقرار القانون لسرح ما يقارب 180 ألف موظف من وظائفهم وخاصة في القطاع الخاص، ولولا القانون لما تأجلت الأقساط البنكية لشهور فحمت الكثيرين من التعثر وجنبتهم الحجوزات وأوقفت حبسهم، ولولا هذا القانون لما استقرت الأسعار في الأسواق وحمت المستهلكين من الاستغلال والجشع، ولما استمر توافر البضائع وانسيابيتها وتوافرها دون انقطاع، وما كان القطاع الخاص سيصمد أمام الجائحة والذي قدم له كافة التسهيلات للمحافظة على عمله وعماله، ولولا القانون لما استقرت الحالة الوبائية لدينا، وما كنا سنتجاوز الشهور الماضية دون انهيار المنظومة الصحية، وغيرها من الايجابيات الكثيرة التي لولا هذا القانون لما تحققت وستتحقق.
الحاجة للقانون لم تنته واستمراره ضرورة، فالجائحة ما زالت تضرب في العالم وبنا محليا، ما يجعل كافة الاحتمالات على طاولة القرار، غير أن هناك كثيرا من المتضررين من هذا القانون بدأوا يضيقون ذرعا باستمراره، وخاصة القطاع الخاص الذي ينتظر انتهاء القانون ليبدأ ماراثون التسريح وفصل الموظفين دون أي رادع أو مانع أو حاجز يمنع هذه التصرفات الأحادية التي لا تراعي سوى مصالحهم الضيقة.
مدير تنفيذي لاحدى الشركات تذمر لي من قانون الدفاع، لمنعه تسريح أكثر من 40 موظفا يعملون لديه في الشركة لعدم الحاجة، والتي اكتشفها لاحقا، فمن يحمي هؤلاء بعد أن يتوقف قانون الدفاع والتي لم تنته دوافع تنفيذه بعد، وهذا المدير على شاكلته مئات المديرين وأصحاب الشركات الذين ينتظرون أول فرصة للبطش بمئات والاف العمالة لديهم لتعظيم مكاسبهم، بالإضافة إلى أن الكثيرين ستكون نهايتهم السجن والمطاردة بسبب الديون والمديونية.
"قانون الدفاع» في النهاية سينتهي عاجلا أم أجلا، فلماذا الاستعجال على إنهائه وتجميده في وقت ما زالت أسباب وجوده قائمة، وأهمها انه يحمي المستضعفين ويوفر لهم درع حماية من الجشع والاستغلال، وهذا ما يزعج ويقض مضاجع المتربصين والمنتظرين والمتأملين لنهايته وإيقافه لتنفيذ نواياهم الخبيثة، فماذا لو توقف؟