رأينا
عاد جلالة الملك عبدالله الثاني إلى أرض الوطن بعد زيارة عمل إلى الولايات المتحدة الأميركية توّجت بلقاء القمة العالمي الذي أجرى فيه جلالته مباحثات ثنائية مع الرئيس الأميركي جو بايدن تطابقت فيها وجهتا النظر الأردنية والأميركية إزاء مجمل ملفات القضايا التي تمّت مناقشتها، مما يعني في جملة ما يعنيه حجم التقدير والمكانة وارتفاع منسوب الثقة التي تنظر إليها إدارة الرئيس بايدن لرؤية جلالة الملك الذي يُقيّم ويقترح ويضع الحلول المناسبة لمختلف تلك القضايا التي تتقدمها القضية الفلسطينية حيث بذل جلالته جهودًا سياسية ودبل?ماسية مكثفة في سبيلها ثم ها هو يعيد التأكيد على تمسكه والعرب كذلك بحل الدولتين ودعم كفاح الشعب الفلسطيني في سعيه لإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس وعلى خطوط الرابع من حزيران، وهذا هو المغزى العميق الذي كان وراء موقف جلالته المبدئي الشجاع والصلب حين رفض رفضًا قاطعًا قرار إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب القاضي بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل وظل جلالته متمسكًا بقراره بل ودفع العالم باتجاه رفضه القرار الظالم فكان جلالته هو الذي استطاع تكوين رأي عام عربي ودولي وإنساني للتصدي للقرار والحيلولة دو? تنفيذه.
زيارة ملكية ناجحة بكل المقاييس وعلى جميع الاتجاهات لم يترك فيها جلالته شاردة ولا واردة إلا وبسطها أمام الرئيس بايدن بشكل رئيس كما فعل ذلك مع أقطاب الساسة الأميركان الذين التقاهم على فترات زمنية مختلفة خلال مدة زيارته، والتي كان أبرزها لقاؤه مع رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وأعضاء في مجلس النواب وعدد من أعضاء أهم لجان مجلس الشيوخ الأميركي واجتماعاته المنفصلة مع لجان الخدمات العسكرية، والعلاقات الخارجية، والمخصصات، وفي جميع اللقاءات كان جلالته يعيد التأكيد ومطالبة الولايات المتحدة كدولة عظمى بالقيام بدورها ?ي دعم وتحريك جهود تحقيق السلام وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة العربية دون أن يغيب الملفان السوري والعراقي عن جدول أعمال جلالته واعرابه عن أمله في دعم الجهود العراقية الساعية إلى إعادة الهدوء والاستقرار في ذلك البلد العربي الشقيق، الأمر الذي شكّل قاسمًا مشتركًا في تناول جلالته للملف السوري ومطالبته المجتمع الدولي بتكثيف الجهود الدولية للتوصل إلى حل سياسي يحفظ وحدة سوريا أرضًا وشعبًا ويضمن عودة آمنة للاجئين السوريين إلى وطنهم، فضلًا عن أن جلالته كان الزعيم العربي الذي أوصل صوت الدول العربية المستضيفة للإخوة السوريين إلى مراكز صنع القرار العالمي لتقديم المساعدات لتلك الدول حتى تستمر في تحمّل الأعباء الاقتصادية التي ترتبت على نزوح الملايين منهم إلى الدول العربية وفي مقدمتها الأردن الذي أملى عليه واجبه القومي والتاريخي أن يشرّع أبوابه ويفتح حدوده لهم ليتقاسم الأردني مع شقيقه السوري لقمة العيش ورغيف الخبز وبدعم وتوجيه مباشر من جلالة الملك الناطق باسم العرب والمتبني لقضاياهم منذ تسلم سلطاته الدستورية كملك هاشمي مطلوب منه أكثر مما هو مطلوب من غيره.
زيارة ملكية حققت أهدافها التي قامت من أجلها، ولئن كانت الغلبة في مباحثات جلالة الملك عبدالله الثاني لما فيه نقل وجهة النظر العربية حيال مختلف القضايا والتحديات العالقة، فإن الحديث عن الشراكة الاستراتيجية بين الأردن والولايات المتحدة في العمل لأجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، وكذلك الحديث بشأن ما يجمع البلدين من علاقات قوية منذ أكثر من ستين عامًا واتفاق الطرفين على أنها علاقات متينة آخذة نحو المزيد من التقدم، كانت هي الأخرى من الأولويات التي استحوذت على لقاءات جلالته مع بايدن وأعضاء النخبة الذين التقاهم كلّا على حِدة، وعندما تقول رئيس مجلس مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي ما نصّه ونقتبس (جلالة الملك يضيف كمًّا كبيرًا من المعرفة والذكاء، والتفكير الاستراتيجي، والقيم للنقاشات التي تدور بيننا، ونحن نتعلم منه الكثير دائمًا) فإن ذلك لمدعاة اعتزاز وفخر لكل عربي وأردني على حد سواء بزعيم العرب عبدالله الثاني حفظه الله.