خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

الغيمات

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
عبدالهادي راجي المجالي .. في أواخر الثمانينيات، صرت صبيا طويل الجسد، بدت عليه ملامح الخشونة للتو.. وانخرطت في سلك (الصياعة).. كنت مستجدا، ولكني قطعت شوطا مهما في هذا المضمار أسوة برفاق الصف الثالث الإعدادي (ب)..

الوقوف بجانب مدرسة البنات كان يغويني، والتدخين غير المحترف كان يغويني أكثر.. والذهاب للبلد كان أمرا مهما جدا، أصلا كنا نذهب لهناك دون أن نعرف لماذا؟.. مجرد أن نتسكع ونراقب النساء.. ونشرب الشاي، ثم نعود لمنازلنا..

الزمن كان مختلفا جدا، والأنوثة كانت مختلفة أيضا.. كانت تشبه إلى حد ما الغيمات التي تمشي على مهل، وتظلل الناس والشجر.. كانت الأنوثة مثل الغيم تماما.. تظللك، وحين كنا نقول لصبية: مرحبا.. كنا نحس بأننا نخاطب الغيم.. ياما قلت للغيمات: مرحبا ولم تجبني.. ولكني بقيت أستظل بها.. وأنظر للأعلى فقط.

صدقوني لم تكن مدارس البنات تحوي إناثا أنهين المدرسة للتو أبدا، (الترويحة) أيضا لم تكن تعني خروج أرتال منهن بالمريول الأخضر والعودة للمنازل.. كنت أحس أن البوابة حين تفتح، تبدأ البساتين بالمغادرة.. والغيوم معها, وأحس أن ليلى هي الغدير الذي أنهى حصة الرياضيات.. واتجه صوب المنزل، كنت أحس بأن النخلات أيضا غادرن المدرسة.. طالبات التوجيهي كن طوال القامة مثل النخل، وكنت أشعر أيضا.. أن حدائق الورد وبعض الحساسين هي الأخرى تخرج من البوابة..

انخرطت في (الصياعة) مبكرا جدا، وفيما بعد صرت أدرب أرتالا من المستجدين.. وأمنحهم بعض الخبرات، في مجال كتابة الرسائل.. والانتظار وماذا تعني النظرة.. وماذا تعني البسمة، وكيف تتجاوز التلعثم، في المحادثة الأولى.. وعلمتهم أيضا كيفية الحصول على أرقام الهواتف..

الحب في زمننا كان مثل المعركة، يحتاج لعمليات رصد واستخبارات.. وفهم حركة الأب.. حركة العائلة، والتمترس خلف شجرة.. وأيضا معرفة جدول حصص بنات الأول ثانوي (ج).. كانت عملية شائكة جدا ومعقدة، ولكني أتقنتها.. والحمد لله لم أبخل بالخبرات التي اكتسبتها على الأجيال التي تلت جيلنا...

كم طاردت الغيوم في صباي، وكم ذبحتني (الشبرة) البيضاء التي تربط على الرأس.. وكم اتعبتني المديرة.. يبدو أنها لم تراقب (عواطف) جيدا.. فقد غادرت المدرسة وفي أطراف عينها بعض الكحل.. كان الكحل وحده على أطراف عين عواطف يساوي مدينة كاملة..

كبرت.. وكبرت كثيرا مثل زيتونة هرمت، وصارت مرتعا للعب الصبية.. والذي تغير أني لم أعد أطارد الغيمات.. أصلا هذا الصيف اتعبني جدا، والسماء فيه لم تعد تحمل الغيم أبدا..

والمشكلة أنهم يطالبون بمساواة الرجل بالمرأة، يا إلهي كم يستفزني هذا الأمر عن أي مساواة يتحدثون؟..عن مساواة الغيم.. بأسوار المنازل.. عن مساواة الغيم.. بشجرة صغيرة نبتت في أطراف الحديقة.. عن مساواة الغيم بأسطح المنازل..

أكتب من وحي الصيف وهذا الحر المتعب.. النساء مثل الغيم تظللك حين تحرق الشمس رأسك.

[email protected]
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF