عبدالهادي راجي المجالي
.. أريد أن أقدم نصيحة للبنوك..
قبل أيام شاهدت إعلاناً عن قرض بنكي.. الإعلان يتضمن وقوف امرأة على الشباك, تنادي على زوجها وتخبره بأن جارهم أخذ قرضا وتملك منزلاً، وتدعوه لأخذ قرض مثله.. السؤال: كيف عرفت أن جارهم أخذ القرض؟.. هل هي من قامت بالتوقيع على بند الكفيل؟ أما أنها مشتركة في (جروب) على الواتس آب وتدور حوارات خاصة بينها وبين الجار.
حين تشاهد هذا الإعلان فالنتيجة العكسية التي يحققها أكثر من فائدة، التحفيز على أخذ القروض.. هو بصراحة يتسبب ببعض المغص, لأن من يقومون بتأدية هذا الإعلان غير مؤهلين أبدا.. ومن صمم الفكرة كان عبثيا.. إلى الحد الذي لم يفكر فيه بقياس ردة فعل المتلقي..
في إعلانات الإذاعات, نفس الشخص يتكرر في كل إعلان, ونفس الصوت ونفس الفكرة.. شاب يقف مع صاحبه, ويخبره عن مزايا بطاقة ائتمانية, وثم يقول صاحبه (واااااو شو بتحكي يا زلمة).. ويختم الإعلان بصراخ الصديق: (طيب يالله.. ع البنك احنا شو بنستنى).
البنوك.. تدفع كماً هائلاً على هذه الإعلانات ولا تعرف أن نتائجها عكسية تسبب الغثيان وحجم المبالغة فيها عال, وخالية من الفكرة.. وتقوم على نفس المبدأ, ولا يوجد فيها دراسات لقياس الأثر.. نحن لا نطور في خطابنا الإعلاني أبدا, والبنوك لا تتعاقد مع شركات متخصصة في إنتاج الإعلان.. ولا تراجع ولا تعرف أن الأثر السيئ لهذا الإعلان أكبر من الأثر الإيجابي, ومع ذلك يدفعون مبالغ باهظة..
في الغرب (الشحدة) تطورت.. بحيث لم يعد الناس يقفون في الشوارع ويمدون أيديهم, صار هناك مجموعة من العازفين يقفون, ومن ثم يبدأون بالعزف وتمر الناس.. وتدفع وتستمتع بالموسيقى.. بالمقابل (الشحدة) لدينا ما زالت تعني الوقوف على الإشارة والصراخ: (الله يستر على عرضك.. الله يستر ع بناتك).. الإعلانات تطورت, بحيث صارت تعتمد على الإعلان الصامت.. لا يوجد مبرر للحديث, الصورة هي وحدها من تروج للمنتج.
الأغرب من كل هذا هو إعلانات الإذاعات, شخص واحد يؤديها منذ (10) سنوات لم يتغير وجملة واحدة تتكرر في كل إعلان: (شو بتئول.. بطاقة سقفها 500 دينار).. أنا حين أسمع كلمة: (شو بتئول).. أصاب بحالة من الاستغراب.. كيف ستقنع بهذا الإعلان شخصاً يسكن الكرك مثلا أن يتقبل فكرته, وما زالوا في الكرك يقولون: (ويش بتهرج يا رجل)..
أنا ادعو البنوك لاحترام الذوق العام, وتطوير منتجها الإعلاني.. واعتماد الإعلان الصامت.. أو إعلان الصحيفة, على الأقل في إعلانات الجرائد.. لا يوجد جار اسمه أبو محمد.. ولا يوجد شاب صوته يتردد في كل الإذاعات.. ويجعلك تسأل سؤالا مؤلما لذاتك وهو: هل ياترى زار هذا الشاب خو.. هل جرب خدمة العلم؟ هل شرب حليب نياق ذات مرة؟..
بصراحة هذه الإعلانات تجعلك تشعر بأنك تعيش في (جونيه).. وليس في ماركا..
أنا لا أعرف هل لدى البنوك الأردنية, دوائر حقيقية للعلاقات العامة؟.. هل يعرفون أن هذه الإعلانات تسبب الغثيان؟..يكفي ما فينا من غثيان.
[email protected]