عماد عبدالرحمن
في الذكرى الـ 75 للإستقلال، وضمن الإحتفالات بمئوية الدولة، كرّم جلالة الملك عبدالله بن الحسين أمس، كوكبة من أبناء الأردن وبناته المبدعين، بوسام مئوية الدولة الأولى، والذين تركوا بصمات واضحة على مدى مئة عام في مسيرة البلاد في كافة المجالات، سياسية، إقتصادية، ثقافية، صحية وفنية وإعلامية، ورياضية، مِمنْ رفعوا راية الوطن عالياً وممن تسلحوا بالعزم والارادة والايمان.
هؤلاء الرجال كانوا من الاوائل الذين بنوا وأسهموا في بناء الدولة، حجراً على حجر، ومؤسسة الى أخرى، بالكد والتعب والمثابرة، وإذا كان للإستقلال حكاية تروي قصة أبطال صنعوا المجد للوطن والامة، وقارعوا الاعداء والطامعين، فإن للمئوية حكايات وحكايات، تروي قصة وطن بُنِيَ بإرادة وعزيمة القيادة الهاشمية والشعب الاردني الوفي، عبر مراحل متعرجة من العمل والكفاح والبناء والرفاه.
يأتي تكريم هذه النخبة اليوم من المكرمين وذوي وممثلي المكرمين من جلالة الملك بوسام مئوية الدولة الأولى، إيماناً بدور الآباء والاجداد ممن كانوا في مقدمة مراحل التحول على مدى عقود عشرة مضت، وكان لهم بصمات وقادوا برامج تغيير وتحديث، مثل لجان الميثاق الوطني، تعديل الدستور، الحوار الوطني، كما مثلوا الاردن في الخارج بالمؤسسات الدولية، وممن كانوا قادة لقطاعات مختلفة، بنوها بتضحياتهم وسهرهم وصبرهم.
مناسبتان وطنتيان هامتان كالاستقلال، والمئوية، ليستا مناسبتين عابرتين نبتهج بهما فقط، فهما أجمل وأسمى مناسبة يمكن فيهما تكريم الرواد والمتميزين على مستوى الوطن، وهما فرصة نستذكر فيها رجالات الوطن وأبطال الاستقلال، وبناة الديار لتكريمهم، فهم من تركوا بصمات في كافة المجالات ورسموا بداية الطريق كلٍ في قطاعه، ولمعوا في قطاعاتهم وتخصصاتهم، وحققوا نجاحات تتحدث عنها الاجيال وتتناقلها بفخر وإعتزاز، فكان التكريم الملكي بمثابة رد للجميل وتذكير بسيرة الاوائل، وتقدير جهودهم المبذولة في بناء الدولة ومؤسساتها.
كان إختيار يوم الاستقلال إيماناً بأهمية هذه المناسبة الوطنية الغالية، وهي مناسبة تستدعي منا التأمل والتفكير العميق، في الماضي وأيام التأسيس وتضحيات مَن سبقونا، ليس لسبب إلا الاستفادة وإستخلاص الدروس والعبر، من أجل الانطلاق نحو المستقبل بعزم وهمة وثقة، وهو ما يفرض علينا كأردنيين أيضاً العمل والمثابرة الدائمة من أجل الحفاظ على ما تحقق وتعزيزه، فالمحافظة على الاستقلال هو سلوك وإشتباك يومي إيجابي مع تحديات الحياة ومنغصاتها، لا يتوقف عند نيل أي شعب إستقلاله، بل هي ذكرى وتذكير لتقييم الذات والاداء، والانطلاق من الحاضر الى المستقبل المشرق.
لوحة جميلة وفريدة رسمها أمس حفل التكريم الأنيق والمُعبر الذي أقيم في قصر رغدان العامر، الذي تضمن عروضاً مرئية تناولت مراحل مهمة في تأسيس الدولة وقصة نضال الأردنيين وعزيمتهم، عن وحدة الاردنيين وفسيفساء مجتمعنا ومكوناته من كافة الاصول والمنابت، ليعكس الحفل الصورة الواقعية والتنوع في مجتمعنا، ولتكون هذه البادرة بداية لسلسلة من الفعاليات خلال العام الحالي والعام القادم، والتي سيكرم فيها الرواد الاوائل ورجالات الدولة، تكريماً وتذكيراً للأجيال بدورهم وأهمية ما قدموه، لكي تنعم به الاجيال.