محرر الشؤون السياسية
لم يكن متوقعاً قبل أسابيع أن تقوم الحكومة بتقديم مجموعة من الإجراءات والبرامج التخفيفية والتحفيزية خصوصاً أنها تجنبت الحظر الشامل الذي كان من الخيارات الواردة خلال الأسابيع الأخيرة، ولذا تكتسب هذه الحزمة أهمية كبيرة في سياق الملابسات والظروف القائمة حالياً، حيث سيتمدد أثرها ليشمل القطاعات المتضررة من الإجراءات المتخذة سابقاً، بالإضافة إلى مجموعة من الأنشطة الاقتصادية التي يتوقع أن تستفيد من السيولة المتوفرة في الأسواق، وهي السيولة التي ستحفز الاقتصاد من خلال تداولها سواء لتسديد التزامات قائمة أو استثمار بعض الفرص المتاحة.
الأوضاع الاقتصادية لم تكن مواتية قبل أزمة الكورونا، وكانت تعاني من ارتدادات مرحلة الربيع العربي وتواصل أزمة اللجوء السوري مع تراجع أسعار النفط عالمياً، وفي ظل ظروف المالية العامة يعتبر الإقدام على برنامج تحفيزي واسع أمراً يحسب للحكومة ويعبر عن تركيزها على الجانب الاجتماعي في المدى القريب، والاقتصادي في المدى المتوسط والبعيد، ويجعل الحكومة طرفاً في المبادرة الاقتصادية بدلاً من الاستسلام للأمر الواقع واتخاذ ردود الأفعال بعد أن تتفاعل الأزمات داخل الاقتصاد، والمبدأ الأساسي الذي تضعه الحكومة ليكون أساساً لتحركاتها وقراراتها ذات الطابع الاقتصادي هو المحافظة على وظائف الأردنيين في القطاع الخاص، ولذلك وجهت الحكومة أكثر من نصف المبالغ المالية التي رصدتها لضخ سيولة في قطاع المستشفيات وتوريد الأدوية والرديات الضريبية والاستملاكات، وهي المبالغ التي سيعاد تدويرها اقتصادياً لتشمل قطاعات أخرى.
كما وتوجهت الحكومة لتحفيز الاستثمار من خلال وضع التدابير العمرانية التي طال انتظارها محل التنفيذ لرفع جدوى الاستثمار العقاري وقطاع البناء ومستلزماته، وتمكين المواطنين من الحصول على مسكن مناسب بتكلفة أقل، وهو ما سيشكل نقلة نوعية في طبيعة الاستثمارات المخصصة في مجال البناء والتطوير العقاري.
وسعت الحكومة أيضاً إلى شمول الفئات الأقل منعة أمام الظروف الاقتصادية والأكثر تأثراً ببرامجها التكافلية، مع التخفيف عن المواطنين في مجال المستحقات من الأموال العامة على أكثر من صعيد، وهذه الأموال ستضاف إلى السيولة المتوفرة في السوق، وستساعد على زيادة حيوية الأنشطة الاقتصادية بالدرجة الكافية لتحقيق استمراريتها، والمحافظة على الوظائف، وهي الغاية التي تتقاطع مع مختلف محاور الإجراءات والبرامج الحكومية.
تضيف الحكومة أيضاً آلافاً من الوظائف المؤقتة التي ستشكل وسيلة لمساعدة فئات من الشباب والأسر بالتالي من توفير دخل إضافي يمكن أن يتحول إلى دخول مستدامة مع عودة الأنشطة الاقتصادية لمستوياتها التشغيلية السابقة على الأزمة، وعودة الاقتصاد إلى تحقيق النمو بعد فترة من التراجع الذي يعتبر جزءاً من التراجع العالمي.
يمكن القول بأن هذه الإجراءات من شأنها أن تحقق التوازن بين الاعتبارات الصحية والاقتصادية بالطريقة التي وجه الملك إلى تبنيها بحرص وحكمة، وتمثل التزاماً من الحكومة بالتعامل الإيجابي مع المستجدات والتحديات وتوظيف أدواتها المختلفة في خدمة المواطن في هذه المرحلة الحرجة والمعقدة والجميع بين مطرقة الوباء وسندان الحظر.