عماد عبدالرحمن
يتردد أخيراً كثير من اللغط حول وجود خطاب كراهية في بعض وسائل الاعلام أو في مواقع التواصل الاجتماعي، لكن اياً كانت الدوافع لا تشكّل بعض الحالات التي تُسجل هنا أو هناك على أنها ظاهرة تستدعي الاستنفار أو دق ناقوس الخطر بشأنها، أما إذا كانت وقائية تستهدف درء الاخطار قبل وقوعها فذلك شأن آخر.
أقول ذلك، لأن أساس المجتمع الاردني إنساني ومتلاقِ قائم على روح التسامح والحوار والانفتاح على الآخر وتقبله، لا بل احتضانه والترحيب به، وهذا يرتبط بالطبيعة الفسيولوجية للأردني الذي انفطر على القومية والعروبة والكرم وحسن الضيافة وتقاسم لقمة العيش مع مَن يطلبها، ولا عجب في ذلك، فالاردن بلد قومي عروبي هاشمي فتح حدوده وبيوت أهله لكل طالب للأمن أو من جارت عليه بلاده، من هنا، فلا خوف ولا قلق في هذا الجانب.
قد يكون التهويل او النفخ في بعض الحالات التي تقع هنا أو هناك، واردة في ظل هذا الزمن الصعب الذي يمر فيه الجميع، ولا يستثني احداً، لكننا، كمثال لا حصراً، لم نسمع طوال ازمة اللجوء السوري للأردن عن حالات اعتداء أو طرد أو رفض تشغيل اللاجئين السوريين، أو غيرهم، كما أننا لم نسمع قيادة سياسية أو زعيماً اجتماعياً يتحدث بلغة تحريضية أو فيها رائحة لخطاب الكراهية، أو نصحو كل يوم على خطب عنصرية أو طائفية او مذهبية، من هنا، فلا خوف على الاردنيين أو الاردن من الانزلاق في هذا المنحدر.
طرح موضوع خطاب الكراهية وإن كان لدينا حالات فردية هنا أو هناك، من باب الوقاية ومنع التغلغل أو التمدد شيء إيجابي ومقبول، ولا بد من التنبيه له، قبل طرح أية مبادرات أو جهود للعامة، وقد يحصل عن خطأ غير مقصود أو ثقافة اجتماعية معينة، ولا نريد هنا الدخول في خلفيات ودواعي طرح الموضوع بين الحين والآخر، لكن ينبغي الحذر من تكرار هذا الطرح، وتصوير الحالة وكأنها منتشرة في مجتمعنا.
الأردن بلد مستقر سياسياً، ولا يعاني من انقسامات سياسية او اجتماعية، وما ينبغي التحذير منه، نشر الشائعات والاخبار المُضلِلة عبر وسائل التواصل، أو السقوط في محظور التحريض ومحاولة نشر الفوضى والعنف، والافتراء على سمعة الدولة ومكانتها، والارتجال في اتخاذ المواقف والحكم على القضايا العامة، من باب المناكفات أو لفت الانتباه أو تحقيق مكاسب أو كسب شعبية وجماهيرية.
الأمر المهم الذي ينبغي التنبيه له، أن لا نراكم مشكلاتنا الاجتماعية لتصل الى مرحلة من التضخم وبالتالي فقدان السيطرة عليها، وهذا أمر سهل بتطبيق سيادة القانون وتحكيم القضاء في كافة نزاعاتنا وخلافتنا، واحترام قرار القضاء في نهاية الامر، ما يسهل ايجاد الحلول السريعة والمناسبة لتلك المشكلات، لأن تأجيل وترحيل مواجهة المشكلات، قد يعقد المشاكل ويضاعف من كلفها إن لم تحل في أوانها، وهذا منحدر خطير لا يريد أيٍ منها الانزلاق فيه.
[email protected]