محمد يونس العبادي
كثيرة هي المواقف الجامعة بين ملوك بني هاشم والأردنيين، وهي علاقة وفاء بوفاء، تروي بعضاً من وجوهها العديد من الوثائق الوطنية، إذ تطالعنا صحيفة البشير اللبنانية، وهي من أوائل الصحف العربية في المنطقة، وتحديداً في العدد رقم (3672) والصادر بتاريخ 16 أب لعام 1927م، بموقف للملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين بين أوراقها.
حيث مرت البلاد، بتلك الفترة، بزلزال كبير أتى على كثيرٍ من بنيانها وحمل الشعب الأردني ضائقةً مالية كبيرة ونشرت على إثر ذلك صحيفة البشير، بقلم الأرشمندنت داميانوس شبارخ الوكيل البطريركي بالسلط وشرقي الأردن تحت عنوان «حديث لسمو الأميرعبدالله ».
تقول الصحيفة: إنّ «أهالي السلط قد رفعوا عريضة إلى سمو الأمير عبدالله وإلى فخامة رئيس النظار وإلى المعتمد البريطاني طالبوا بها الحكومة المساعدة لأجل ترميم بيوتهم المتخربة ومعاملتهم كما عاملت مأموريها الذين دفعت لهم معاش ستة أشهر سلفاً لأجل إصلاح بيوتهم «وعلى إثر هذه العريضة استدعى الأمير عبدالله الأرشمنديت ووفداً من أهالي السلط ناقلةً لنا بقلم الأرشمنديت الحديث الذي دار بينهم والمأثرة العظيمة التي بادر بها الأمير ليخفف العبء عن شعبه بقوله للأرشمنديت: «استدعيناكم اليوم بمهمة لكي تبينوا للسلطيين أصحاب العريضة?شدة اهتمامنا بهم وعطفنا عليهم و كم نسعى لتخفيف مصابهم بكل ما لدينا من وسائل».
وتضيف الصحيفة بالقول: «يستعرض الأمير جهده ليخفف العبء عنهم و علامات التأثر والحنان بادية على محياه.. لقد كتبنا إلى اللورد بلومر بهذا الصدد وإلى خالنا بمصر أيضاُ؛ ولنا قطعة أرض بالعراق عرضناها للبيع... كل ذلك لكي نساعد المنكوبين على قدر الإمكان » ويتابع سموه - طيب الله ثراه – قوله: «الضربة جسيمة والمصيبة عمومية ومالية الحكومة تحت الرقابة لا تحت تصرفنا المطلق».
على هذا نلمح من الماضي بذور البذل التي نثرها الهاشميون في وطنهم منذ بدأت المسيرة؛ ومنذ عقودٍ رغم شح الإمكانات، وتواصل الصحيفة نقل كلمات الأرشمندنت رداً على الملك المؤسس: «فسموكم الأب الحنون والقائد الأمين والرئيس الحكيم، وملاذ الملهوفين وعون المنكوبين».
يذكر أن زلزال 1927م، وقع في الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم الإثنين في 11 تموز 1927م، وهو هزّة عنيفة وقعت في شرقي الأردن وفلسطين، وتفيد مراجع تاريخية بأنه استمرت حوالي نصف دقيقة، ولكنه خلفت موتاً ودماراً ظلت الأجيال تتناقل أخباره عقوداً.