خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

ناصر

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
عبدالهادي راجي المجالي ابن شقيقي الأصغر اسمه (ناصر عبدالله المجالي), وهو مصاب بالكورونا.. ومعه كل أفراد عائلته... لم يتجاوز (11) عاما بعد, ولكنه يحب الحياة ويقاتل... الناس (يا حبيبي) مشغولة بالاستقالات ونحن مشغولون بك يا ناصر... والإعلام مشغول بالتصريحات, ونحن تشغلنا حرارتك وحجم (الكحة)... ولون الوجه وكم أكلت من وجبة هذا اليوم.

كل العالم لا يعادل, وجع طفل تغادره أمه إلى المستشفى, ويجلس وحيدا.. في المنزل يدير شأنه بنفسه, يرتدي ملابسه... يحضر (السندويشة), ثم يلعب قليلا.. وينام كثيرا, والأخطر أن أحدا لايجرؤ على زيارته.. كل ما نفعله أننا نطوف حول الدار قليلا ونتبادل المكالمات ونمضي...

يجلسون في ربطات عنقهم الفاخرة خلف الشاشات, وأنت تجلس في المطبخ تحاول أن تشغل (المايكرويف), وتسألني عن الكيفية.. وأطلب منك أن ترسل لي صورة الشاشة..وأحاول عبثا أن أدلك وأفشل، حسنا يا سيدي المناضل العتيد.. عليك أن تأكل السندويشة باردة, ليكن يا سيدي... إن فشلنا في تشغيل (المايكرويف) حتما سننجح في الحياة لا عليك يا هذا الفدائي الصغير والنبيل.

قلت لا عليك.. أجدادك ذات يوم رمتهم تركيا من فوق أسوار القلعة, كانوا جوعى بلا طعام..واستشهدوا واحدا تلو الاخر, لكن الدم يومها أنتج في حدائق التاريخ وردا.. فيا وردة الدار لا عليك... حتما ستكبر مثل نخل العراق, والنخل لا يكبر في الحجم بل يرتفع... ستكبر مثل حصان جامح طوع الحياة ميدانا... مثل وريد يهدر الدم فيه غضبا وحرقة على وطن كان أعلى شوامخنا, وكانت عين الشمس به تكتحل.. وكان أكثر ما كان الرصاص والبارود والقصيدة التي استعصت على كل الشعراء.

ليكن الطعام باردا، تناوله يا سيدي الفدائي المناضل... تناوله لا عليك... أنت أصلا تقاتل منفردا في هذه الحياة، ونحن خلفك خط دفاع مهزوز مبتلى بالعجز، ستكون يوما صخر قاسيون الذي نسيناه، وستكون يوما... ذاك الماء القادم من الموجب..المنهمر في البحر الميت.. وستسري بين الجبال, اياك أن يكون البحر مصبك..هي فلسطين المصب، والمرتجى وأرض الحلم وأرض الحقيقة.. أنا يا ابن دمي والسنين المتعبات, لا أكتب فيك مدحا.. ولكنها حقيقة أنثرها للرأي العام... مفادها أن دمنا هو من يقاتل الكورونا...

ناصر.. تذكر هذا المساء، أن تأكل الخبز باردا.. وتذكر أن أمك تقاتل مثلك هذا الداء، وهي بعيدة في المشفى... وتذكر أن من كان دمهم مزيجا من شيحان والموجب.. وأن حمرته كانت من حمرة أجساد الخيل المغيرة، حتما سينتصرون في الحياة... وذات يوم سيخلعون كل هذا الظلم الذي أحاق بهم... ويرتدون عباءة الحياة وحدها.. الحياة التي ننشد فيها الكرامة والعدل والحرية.. الحياة التي نريد طعمها سكرا في الروح لا علقما على اللسان..

سلمت يا ناصر..الفدائي والمناضل والجبار.. وأعلى السواري, والرجولة التي لا تشترى ولا تباع.

[email protected]

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF