محمد يونس العبادي
يذكر عوني عبدالهادي، أول رئيس ديوان أميري، في مذكراته، بعضاً من رحلة الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين (الأمير آنذاك) إلى معان.
ويقول عبدالهادي، في مذكراته، التي تعتبر مصدراً يمكن الاعتداد به، رحلة الملك المؤسس إلى معان، بقوله «علمت أن سموه جاء لمعان في اليوم الحادي عشر من الشهر الحادي عشر الماضي 11/11/1920م، بعد أن استغرقت رحلته إليها سبعة وعشرين يوماً، بسبب العطل الذي طرأ على بعض الخطوط الحديدية».
ويعد عبدالهادي، من كان برفقة الملك المؤسس، مضيفا » كان يرافق سموه في هذه الرحلة، على ما علمت، شاكر بن زيد، علي بن الحسين الحارثي، وغيرهما من الأمراء، والشيخ محمد خضر الشنقيطي، ومرافقه الخاص حامد الوادي»، مشيراً إلى أنّ الملك المؤسس «كان في استقباله الشيخ عودة أبوتايه وأحمد مريود والضابط فؤاد سليم».
تكمن أهمية هذه المذكرات، بأنها تشرح أيضاً، مساعي الملك المؤسس، في استعادة المملكة العربية السورية، بعد معركة ميسلون «فما استقر المقام بسموه في معان حتى أعلنها مقراً للحكومة السورية، التي عزم على إقامتها خراج دمشق، بالنيابة عن الملك فيصل».
ويقول عبدالهادي إن الملك المؤسس أخذ يرسل الدعوات إلى زعماء وشيوخ شرق الأردن يدعوهم فيها للانضواء تحت راية هذه الحكومة وإعلان الحرب على فرنسا التي احتلت سوريا»، وينوه عبدالهادي إلى ما أحدثته ضربة ميسلون التي يصفها الملك المؤسس في مذكراته بـ «الضربة الحادة».
إذ يقول إنه «لم يتقدم للالتحاق بسموه من أعضاء المؤتمر السوري أو ضباط الجيش إلا القليل»، وفي كلام عبدالهادي إشارة إلى أن الملك المؤسس بقي مصراً على تحقيق هدفه، على ما أحدثته ضربة ميسلون.
لقد لعب عبدالهادي دوراً في التواصل بين الملك المؤسس عبدالله الأول وأخيه الملك فيصل بن الحسين، مشيراً إلى أن الملك المؤسس اضطلع بمهمة كُلف بها من قبل الشريف الحسين بن علي، وأن الانجليز حاولوا ثنيه عن التقدم شمالاً، ونقل عبدالهادي رسالة من المندوب السامي الإنجليزي إلى الملك المؤسس في معان تفيد بضرورة عودته.
إلّا أن الملك المؤسس، عزم على التقدم، لأجل تحقيق الهدف بتحرير سوريا، وهذا ما تنقله إلينا الوقائع التي تلت لقائه بعبدالهادي في معان، إذ بقي عبدالهادي مع الملك المؤسس مدة 15 يوماً، في معان.
إنّ قيمة مذكرات عبدالهادي، بأنها حديث لرجل عاصر الأحداث، وهو جوانب كثيرة منها تضع القارئ في أجواء مرحلة التأسيس، وما حملته من شعارات جامعة، أفضت إلى تأسيس الأردن الحديث، ومذكرات عوني عبدالهادي، واحدة من بين عدة سيرٍ تقدم قراءة متقدمة للتاريخ الأردني.
أما عن سيرة عوني عبدالهادي (1889- 1970م) فهو من مواليد نابلس آواخر القرن التاسع عشر، وهو من أوائل العرب الذين تخرجوا من جامعة السوربون في فرنسا، وهو أول رئيسٍ للديوان الأميري، وهو رجل قومي دافع عن القضية العربية الفلسطينية، وتولى مناصب عدة في الأردن بينها وزيراً للخارجية عام 1956م.