هذه الزيارة، والتي شهدت البيعة بالخلافة للشريف الحسين، كانت إحدى أهم محطاتها لقاء وجهاء العرب في الشونة، ويصفها مندوب الصحيفة آنذاك بقوله "وصلت الشونة فإذا بالصحراء قد استحالت بفضل إقبال الجماهير وسروره واغتباطه الى ساحة سرور وحبور وهناء تعج بالقادمين اليها من كل حدب وصوب".
أما عن الحضور فكانوا رؤساء الحكومات ورؤساء المذاهب والاديان على أختلاف أجناسهم والأشراف والاعيان، وأبرزهم مفتي القدس بطريرك الروم الأرثوذكس وبطريرك الأرمن والسريان ورئيس بلدية القدس ووجهاء من الهند وافغانستان، ومفتي البلاد وقضاتها.
وفي الشونة بايع مفتي القدس والمفتين والحضور الشريف الحسين بالخلافة على كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله وعليه وسلم).
وتقول الصحيفة إنه لما تمت البيعة على المنوال المذكور المشروع القيت بعض الخطب المناسبة المقام فأجاب عليها جلالته ،ولقد قابل الجمهور هذا الخطاب النفيس بمزيد السرور والابتهاج تضمنه من الآراء الدينية الصحيحة والاماني الطيبة والقول الباهر الذي ذكر الحضور باقواله عن السلف الكريم الطاهر .
ومما ذكرته عن خطاب الشريف الحسين قوله" أعدكم بالعمل بكتاب الله وسنة رسوله واذا خرجت عنها كان لكم الحق بإبطال بيعتكم ".
وتضيف بالقول "لقد كان يوم الشونة يوماً مشهوداً، وبعد تمام العقد بسطت الموائد الفخيمة فأكل الناس وشربوا هنيئاً وهم يهنئون بعضهم بعضاً وفي المساء عادوا يحمدون الله على ما سمعوه وشاهدوه على تحقيق أماني الامة العربية على أيدي جلالته.
وعد هذا اليوم، إحدى ايام البيعة بالخلافة، إذ بايع وجهاء فلسطين وقضاتها ومفتوها وأهل الحل والعقد جلالة الملك الحسين بالخلافة في مقره بالشونة.
وكدلالة على سعة التأييد الذي حظيت به هذه البيعة، قول الصحيفة: بايع مندوبو مقاطعات من الهند، وعم السرور والتأييد سوريا، وخطب بإسم جلالته بالجامع الاموي وسواه.
أهمية هذه البيعة بالخلافة وهي آخر مرة حاول فيها العرب تأسيس مرجعية جامعة لهم سياسيا ودينيا بأنها عبرت عن وحدة وجدانية لمشروع النهضة العربية، وما زالت وثائقها تروي وجها من سيرة عربية مشرقة.
لقد كانت بيعة الشريف الحسين في شرق الاردن، وهي في مهد تأسيسها، حدثا وضع البلاد على خارطة الحضور في العالم الإسلامي والعربي، وعبر عن مشروعها وأبعاده.
