محمد يونس العبادي
قليلة هي المذكرات الشخصية التي توثق لعلاقات الأردن الدبلوماسية، وبخاصة الإرهاصات الأولى، غير أن من بينها، مذكرات عوني عبد الهادي التي توثق وتؤصل لبدايات العلاقة المبكرة مع الإدارات الأميركية وأهمية المحافظة على الحقوق الفلسطينية.
فمن بين أوراق تلك المذكرات تطل علينا وثائق عدّة، يجب أن تستل من المذكرات وتبوب كشواهد ووثائق وأدلة أن الرؤساء الأميركيين منحوا العرب أيضاً وعوداً بصون حقوقهم.
ومن الصلات الأردنية الأميركية الباكرة، برقيات متبادلة بين الملك المؤسس عبد الله الأول ابن الحسين- الأمير آنذاك- والرؤساء الأميركيين، تؤكد على موقع فلسطين في الوجدان الهاشمي.
إذ ينقل عبد الهادي برقية أرسلها الملك المؤسس عبد الله بن الحسين في 3 آذار 1944م إلى الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت يعبّر فيها الملك عن قلقه بشأن المباحثات التي جرت في الكونغرس حول فلسطين ومصيرها.
وينقل عبد الهادي فحوى البرقية التي يصف فيها الملك عبد الله تلك المباحثات «أنها أوجدت ألماً شعر به كل شرقي»، ويتابع عبدالهادي نقلاً عن برقية سموه «وإني أقول وأنا على ثقة بأنّ عدم وجود المعلومات الكافية في الكونغرس عن حقيقة الحالة في فلسطين بأنها مهدت السبيل لأولئك الذين يعطفون على القضية الصهيونية للسير قدماً بتلك المذكرات».
ويوجّه الملك النصح للرئيس روزفلت بقوله: «وإنه بناءً على ما أكنّه لبلادكم وللشعب الأميركي من الاحترام والإعجاب فإني أصرّح أنه في الوقت الذي تحاربون فيه مع الأمم المتحدة في سبيل حريات الأمم والقضاء على الظلم فإني أشعر بأنّ هذه المذكرات (أي المباحثات في الكونغرس) في الوقت الحاضر مغاير لذلك المبدأ وستؤدي إلى أسف وعناء عظيمين إذا تحققت نوايا المشجعين لها».
كما لفتت البرقية، إلى أن الملك عبدالله المؤسس خاطب روزفلت بصفته جار فلسطين وصديق الأمم المتحدة.
وأهمية هذه البرقية أنها جاءت في وقت كان العالم ونظامه الدولي عقب الحرب العالمية الثانية يتشكل، كما تحمل دلالة أخرى، هي تلقي الملك المؤسس رداً يؤكد فيه الرئيس روزفلت أن الولايات المتحدة لن تأخذ قراراً يغيّر الوضع في فلسطين.
ويقول الرد الأميركي: «أمّا بشأن فلسطين لي السرور أن أنقل إليكم التأكيدات أنه ليس في نظر حكومة الولايات المتحدة أخذ أي قرار بتغيير الوضع الأساسي في فلسطين، ما لم تؤخذ مشورة العرب واليهود التامّة».
كما يسلّط عبد الهادي في مذكراته الضوء على برقية أخرى لروزفلت في 11 كانون الأول 1944م وجهها للملك عبدالله، وأكد خلالها أن الولايات المتحدة ستصون مصالح الأديان السماوية في فلسطين.
هذه الوثائق التي يوردها المرحوم عوني عبد الهادي ووثقها بأمانة، ونحن نحتفي بالمئوية الأولى وعلى أعتاب الثانية، يجب أن ترى النور لتؤكد أنّ الأردن سعى باكراً لصون حقوق فلسطين ومع صعود النجم الأميركي في المنطقة.
ويجب أن توضع هذه الوثائق على الطاولة كعهود انتزعت لتأكيد حقوق أهل المنطقة العربية وبخاصة ما يتعلق بالفلسطينيين ومشروعية وشرعية مطالبهم، ونذكّر الإدارة الأميركية بعهودها وتعهداتها التاريخية.