محمد يونس العبادي
إن قراءة أولى البرامج الوزارية لحكومات شرقي الأردن، وهي لحكومة حسن باشا خالد يلحظ حجم الهموم التي رافقت نشأة الإمارة.
فبيان أبوالهدى الصادر في الخامس من أيلول عام 1923م، سعى إلى تعزيز كينونة الدولة ومقدرتها على التأثير بايجابية في حياة الجيل الأردني الأول.
وتضمن نقاطا أبرزها: «تأييد العلائق الودية والروابط الاقتصادية الحسنة بين حكومة شرقي الاردن وانجلترا وفرنسا»، إذ إن الخلافات التي تركها الاستقلاليون مع الدولتين تركت أثرها عميقاً في العلاقة مع الانتدابين وبخاصة فرنسا التي كانت منتدبة على سوريا.
كما جاء في البيان «تعزيز الامن العام والضرب على كل يد عابثة بالسكينة وفقاً لموجبات المصلحة وما يقضي به العدل»، فيما لم يغفل الجانب الاقتصادي.
حيث سعت الحكومة، من خلال بيانها إلى رعاية الحال الاقتصادية وتخفيض الرواتب والنفقات جهد الاستطاعة والاستغناء عن الوظائف الزائدة.
كما سعت إلى «اصلاح طرق توزيع الضرائب وجبايتها بصورة تكفل مصلحتي الخزينة والاهلين معاً، ترجيح تعيين الأكفاء من أبناء المنطقة على غيرهم في الوظائف».
وتطرق البيان إلى ضرورة نشر المعارف وتسهيل المواصلات بتزييد المدارس وإنشاء الطرق وتعميرها الى غير ذلك من أمور الاصلاح.
إن حكومة الركابي الثانية والتي جاءت في اوائل ايار عام 1924م، تبنت ذات البرنامج، ولكن رئيسها أضاف إليه نقطة أخرى وهي أنه سيتبع الصدق والاخلاص في القول والعمل والعزم والحزم في الامور وتوزيع العدل بين أفراد الشعب مع المراعاة التامة للقواعد الاقتصادية والكفاءات في الوظائف والموظفين والنفقات.
كما لم يغفل الركابي الفساد بسعيه إلى قمعه هو وبذوره، ولكن المفارقة في البيان أنه سعى إلى القضاء على كل ما يسيء إلى السمعة بكل شدة، بالإضافة إلى السعي وراء انعقاد المجلس النيابي تدريبا للأمة على الحكم الدستوري.
إن بعض ما جاءت هذه البيانات على ذكره غير مرتبط ووثيق الصلة بقضايا خدمية أو سياسية بقدر ما هو مرتبط بظواهر اجتماعية ما زالت محل معاناة وهمٍ لدى الأردنيين، أبرزها «السمعة» والإساءة إليها، وسواها من القضايا التي بحاجة إلى قراءة ومطالعة، وكأن بعض الهموم ما زالت تتشابه!.