نشهد هذه الأيام مناسبتين عزيزتين على قلوب جميع الأردنيين وهما العيد التاسع والخمسون لميلاد جلالة القائد الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه ومئوية الدولة، وهنا لا بد من الإشادة بحجم الإنجازات الكبيرة التي تحققت وعلى مختلف الأصعدة خلال المئة عام الأولى من عمر الدولة في ظل القيادات الهاشمية الحكيمة، وخصوصاً على الصعيد الاقتصادي.
لكن بالمقابل يجب أن نستعد للمستقبل ونخطط من هذة اللحظة للمئة عام القادمة من عمر الدولة، لنضع نصب أعيننا أهداف واستراتيجيات واضحة نواصل الليل والنهار لنحققها، وخصوصاً على مستوى التحديات الاقتصادية الكبيرة التي ستشكل عائقاً كبيراً أمام التنمية المستدامة.
وهنا سأستعرض جزئية من هذة التحديات الاقتصادية وهي النمو السكاني الكبير الذي حصل خلال الثلاثة عقود الماضية والذي وإن ترافق مع نمو مماثل في النشاط الاقتصادي، إلّا أنه من وجهة نظري سيكون التحدي الاقتصادي الأكبر خلال المئة عام القادمة.
وتحديداً فقد بلغ عدد سكان المملكة من تاريخ نشأتها وحتى عام ١٩٩٠ ما يقارب ٣,٥ مليون نسمة، ثم بدأ بالنمو بشكل مرتفع بسبب التداعيات التي حصلت في المنطقة ليصل عدد السكان تقريبا ١٠ ملايين نسمة عام ٢٠١٩. لكن بالمقابل ارتفع الناتج المحلي الإجمالي من ٤ مليار دولار لعام ١٩٩٠ ليبلغ ٤٤ مليار دولار لعام ٢٠١٩، وهنا وبلا شك كان للأحداث الدائرة في المنطقة دور كبير في جذب العديد من الاستثمارات ورؤوس الأموال مما ساهم بشكل كبير في الطفرة الاقتصادية والنشاط العمراني والحركة التجارية وعائدات الدولة الكبيرة من الضرائب والرسوم، مما خفف بشكل كبير من الأثار السلبية للنمو السكاني على الاقتصاد.
وبالتالي نتيجة للزيادة الكبيرة في عدد السكان خلال الثلاثة عقود الماضية فإنه من المتوقع أن تكون معدلات النمو السكاني كبيرة جداً خلال المئة عام القادمة، وبمعدلات نمو تتجاوز بشكل كبير معدلات النمو في الاقتصاد. وبخاصة أن النمو السكاني هو مكون رئيس من مكونات الأسرة وطبيعه بشرية لا تحكمها عوامل الربح والخسارة، بينما زيادة معدلات النمو الاقتصادي لمستويات جديدة لم يعهدها الاقتصاد مسبقاً هي عملية معقدة وتحتاج إلى مجموعة من العوامل التي قد تكون خارجة عن السيطرة تماماً.
إذاً ولمواجهة هذة التحديات المستقبلية وتحقيق معدلات نمو كبيرة في الاقتصاد لا بد من أن يكون ضمن أجندتنا الاقتصادية للمئة عام القادمة هو ابتكار خدمات ومنتجات جديدة كلياً لم يعهدها الاقتصاد الأردني مسبقاً، فعلى سبيل المثال لدينا العديد من الموارد التي تصدر للخارج كمواد خام لتدخل في العديد من الصناعات مثل الفوسفات والبوتاس وغيرها. لماذا لا يتم استغلال هذة الميزة التنافسية بتوافر المواد الخام وتصنيع منتجات جديدة لكي يتم استخدامها محلياً أو تصديرها للخارج؟!.
