رأينا
في مواجهة مرحلة تتطلب كل زخم ممكن لدى الدولة الأردنية، وتحتاج الارتقاء بالأداء من جميع المؤسسات يضع الملك في زيارته لرئاسة الوزراء أمس الخطوط العريضة التي يجب على الفريق الحكومي أن يلتزم بها وأن يترجمها من خلال منهجية عمل واضحة تبدأ من المواطن وتؤول جميع مساعيها وجهودها لفائدته ومصلحته، وفي الرؤية الملكية فإنه لا ترتيب آخر صحيح أو مقبول غير ذلك، والمواطن هو المبتدأ والخبر في فكر الملك والدولة الأردنية، وكان جلالته واضحاً وهو يوجه الوزراء للعمل الميداني المشتمل على التواصل مع الناس، مع التركيز على الغاية من?التواصل وأهمية الاستماع للملاحظات والوقوف على الاحتياجات في جميع المحافظات.
الوجود الميداني لا يجب أن يكون شكلياً، وليس مناسبة لالتقاط الصور، واللقاءات فيه ليست عابرة، أو متعجلة، فعلى الوزير أن يقتدي بالملك وأن يتأنى وهو يستمع للمواطنين، وأن يسأل ويستفسر ويعود للعمل على حل مشكلاتهم من خلال سياسات واجراءات، أما الانشغال بالتعامل مع الإعلام أو البقاء بين الفرق الحكومية، فإنه لا يؤدي الغاية ولا يصل إلى النتيجة المرجوة، ولا يمكن أن يشكل معياراً للإنجاز، فالمواطن الأردني على قدر كبير من الوعي، ويستطيع أن يحكم على الأداء الحكومي بصورة متوازنة وواقعية.
هذه زيارة فاصلة في مسيرة الحكومة، وتأتي في موعد مبكر من عمرها، فتأجيل العمل والاستحقاقات رفاهية لا يمتلكها الأردن في هذه المرحلة، وليرفع الملك عن الحكومة التعامل مع الأولويات فإنه يحددها بوضوح وبصورة قاطعة، مؤكداً على ضرورة المضي قدما في الإصلاح الإداري، خدمة للمواطنين ولتعزيز تبادل المعلومات والتعاون بين جميع المؤسسات، وتسهيل الإجراءات للمستثمرين، إضافة إلى مواصلة العمل على أتمتة الخدمات المقدمة للمواطنين، فالمواطن يريد خدمة بتكلفة معقولة تسهل حياته وتساعده على المبادرة، والمسؤولون الذين يتخوفون من إعمال ?لاحياتهم لخدمة المواطنين لا يمكنهم أن يكونوا جزءاً من مشروع طموح للإصلاح الإداري الذي يطلبه المستثمر كذلك في ظل التنافس على المستثمرين بين العديد من المحطات في المنطقة.
في الأزمات توجد الفرص بمحاذاة التحديات، والأردن أمامه فرص يجب أن يوظفها لمصلحة مواطنيه والتعامل مع الوضع الاقتصادي ومحاربة الفقر والبطالة، والاستثمار يعتبر مدخلًا مهما، وبجانب تطوير التشريعات والقوانين يجب أيضاً تحضر الكفاءات المهنية التي يحتاجها أي استثمار والتي تسهم في نقل المعرفة والخبرة إلى الأردن.
وتوجه الملك في اللقاء إلى المواطنين داعياً للمزيد من الالتزام بارتداء الكمامة واجراءات السلامة لتجنب أي انتكاسة تعود بإجراءات الحظر والإغلاق إلى مرحلة يتطلع الأردن إلى تجاوزها بالكامل، ويأتي التأكيد الملكي مع التوجه لإعادة فتح المدارس ومختلف القطاعات وضرورة أن يتم ذلك بشكل آمن وبما يعبر عن وعي المواطنين وتحملهم لمسؤولياتهم في ظل ظروف تتطلب التضافر والتعاون بين الجميع، وتقديم نموذج متكامل وشامل للأردن الذي يقف بثقة على بداية مئويته الثانية متطلعاً للمستقبل الأفضل.