محمد يونس العبادي
ثلاثة أعوام مضت على صدور قانون الوثائق الوطنية لعام 2017م الذي يعتبر الوثيقة الوطنية مُلكاً للدولة بغض النظر عن نشأتها أو مكان وجودها ولا يجوز الحجز عليها أو التصرف بها إلا بموجب القانون.
وجاء هذا القانون، لمواكبة التطور العالمي وحفظ تاريخ الاردن وقوننة بناء أوعية قادرة على حفظها، لتيسيرها أمام الباحثين والمهتمين.
هذا القانون العصري سيكون في حال تم تطبيقه بمهنية وحرفية إحد أهم روافد الذاكرة الوطنية، لقوننته لعملية توثيق الآثار المادية والمكتوبة، والتي هي لسان التاريخ الشاهدة على أحداث الماضي.
فحين تنعدم الوثائق ينعدم وجود التاريخ، وعندما تنبه الاردن لأهمية الوثيقة أصدر هذا القانون الذي يحفظ للاردن ولأبنائه ويتيحها للأجيال القادمة والباحثين.
ومن ميزات القانون أنه يميز بين الوثيقة العامة والخاصة، ويؤكد عدم جوازية التصرف فيها بأي طريقة من الطرق تحت طائلة المسؤولية وادرج عقوبات على من يخرج وثيقة خاصة او عامة او صورة عنها خارج المملكة، بالإضافة إلى أنه ألزم الاشخاص الاعتباريين بتسليم ما يحوزونه من وثائق.
في ما مضى من أعوام، كانت مؤسسات عدة مثل: البلديات، والوزارات وسواها، لا تقوم بحفظ سجلاتها كاملة، أو أن أجزاءً منها مفقودة، برغم أنها تغطي فترات زمنية مهمة، وهذا الأمر هو تعبير عن غياب الحس والوعي التاريخي بأهمية الوثيقة، مما أدى إلى ضياع الكثير منها، على أهمية الفترات التاريخية التي تمثلها.
كما أنّ تشتت جهود حفظ الوثائق الوطنية، قبل إقرار القانون حتمّ وضع هذا القانون لتتمكن جهة حكومية من الاضطلاع بهذا العبء.
وعانينا في أعوام مضت من انشغال أكاديميين بجمع الوثائق الوطنية، وتبويبها، ولكن المفارقة كانت بغياب هذا الجهد عن رسائل الماجستير والدكتوراة، خاصة في أقسام التاريخ، حيث إن هذا الجهد لم تصله الأيادي الباحثة بعمق وتصوغ الرواية الوطنية بناءً على ما تتضمنه وثائقنا.
ونحن نحتفي بالمئوية الأولى وعلى أبواب المئوية الثانية.. فإن الحاجة اليوم هي إلى جهد وطني أكبر لأجل العمل على جمع الوثائق كافة، وتبويبها، وتسهيل استردادها، وهي مهمة كبيرة، ولكنها متاحة، وتعبر عن شفافية كبيرة ومقدرة المؤسسات الرسمية على إرساء مفهوم تدفق المعلومات، وتوفيرها.
إنّ موضوع الوثائق الوطنية ما زال في بواكيره وهنالك حاجة أيضاً، لتعميق دراستها، بل ووضع دراسات متخصصة عنها من قبل باحثين وأكاديميين.