عبدالهادي راجي المجالي
حين تقرأ تاريخ الهاشميين، تكتشف أنهم من أكثر العائلات العربية التي دفعت دما في سبيل الثورة وقضايا الأمة..
خذ العراق, واقرأ تاريخه.. ستجد أن أبشع فصل من فصوله, كان انقلاب عبدالكريم قاسم, والذي اغتيل فيه فيصل الثاني ملك العراق, وولي عهده عبدالإله.. لم تكن القصة تصفية بقدر ما كانت انتقاما شرساً دموياً, وما زال للآن تراب العراق يبكي عليهم, ومازال التاريخ حين يسرد تفاصيل تلك اللحظة المؤلمة, يكتب الحدث والتفاصيل بالدمع..
خذ عبدالله الأول، الذي أسس مداميك وطن حقيقي.. وقاتل لترسيخ الأردن ككيان مستقل له هويته وشخصيته, ولنتذكر مصطفى عشو الذي أطلق عليه النار، وهو يهم بإداء الصلاة في الأقصى.. (3) رصاصات في الصدر والرأس, ورصاصة أخرى توجهت للحسين – رحمه الله–وارتطمت بميدالية كان يرتديها على صدره، عبدالله الأول اغتيل ظلما.. فالمساجد لها حرمتها, والثائر له حرمته.. كان يريد أن يؤدي الصلاة فقط, لكن الغدر كان يتربص به.. ومضى شهيدا في سبيل الدين والأمة, كان أجمل من كل ريحان الأرض, وأحلى من الغيم..
الحسين بن علي, الذي مات منفياً.. بعيداً عن أحب البقاع إليه, مات حسرة من الظلم والغدر الذي لحق به, ودفع ثمن ثورة.. أطلقها من أجل حرية الأمة وكرامتها، ومن أجل أن تنهض مستقلة رافعة الرأس لا مطأطئة..
فيصل الأول, مازال التاريخ يؤكد أنه مات مسموما في سويسرا, عبر (إبرة زرنيخ) حقنتها ممرضته.. ومازالت أرض سوريا شاهدة على ميسلون, وأرض العراق شاهدة أيضا على بسالته واقتداره ورجولته..
ربما لايوجد في التاريخ العربي عائلة, دفعت شهداء مثل (الهاشميين).. لايوجد عائلة سال دمها مثلهم, وكان هذا الدم.. إما لأجل الثورة أو لأجل المعتقد والدين, نديا طاهرا شريفا..
حين يقرأ ولي العهد الأمير حسين بن عبدالله تاريخ أجداده, سيكتشف أنه من عائلة احترفت الشهادة, لهذا فصورته في الذهن الأردني يجب أن تكون صورة المقاتل.. هو يملك من التاريخ الناصع ما لايملكه عربي, ويملك من رصيد الدم.. ما لاتملكه ثورة أو وطن أو ملحمة..
الهاشميون شكل التاريخ صورهم عبر القتال المستميت, لا عبر الترف والحياة الرغيدة.. والتاريخ قدمهم, كرجال أمضوا حياتهم بين السيف والبارود والنفي.. والعربي بطبعه يعشق صورة المقاتل في الذهن, ويمقت صورة المنظر..
الأمير حسين والده الملك عبدالله الثاني أيضا أمضى جل حياته في العسكرية الأردنية وقاتل الإرهاب وشهد سقوط عواصم وانهيار دول, والحسين جده أمضى حياته بين الحرب والحرب.. لم تمر سنة من سنوات من عمره, دون معركة مع إسرائيل أو قصف هنا أو تفجيرات هناك..
أظن أننا نعشق صورة المقاتل, وأكثر ما نحبه هو ظهور ولي العهد باللباس العسكري.. وبين الجنود, ونحب أيضا رحلاته بين الكتائب.. أنبل صورة للقائد هي صورة الجندي المتمسك بثوابت وطنه وأمته, والمنذور لها دما وروحا وعشقا.
.. أنا أحب صورة الجندي.. وأظن أن الحسين بن عبدالله هو أنجح من أنتج هذه الصورة في الذهن.. وسيستمر عليها.
[email protected]