خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

جمل عزام

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
عبدالهادي راجي المجالي قبل عشرين عاما, كنت أنا وأصدقائي نزور شواطىء البحر الميت السياحية.. وغالباً ما نلتقي (بعزام) هناك, هو فتى أسمر الوجه بلكنة بدوية, لايترك الجمل الذي يملكه أبدا.. وحين يشاهد سائحة من ألمانيا أو النمسا أو هولندا.. يتجه صوبها, والجمل تلقائيا (ينوخ)..وتصعد السائحات.. ويلتقطن الصور وهن على (الهودج), وعزام لكثرة ما تعامل مع السائحات.. صارت لديه خبرة في اللغات, وفي الجنسيات..قال لي ذات مرة: إن الألمان يدفعون أكثر من الإنجليز.

أصلا نحن لم نكن نذهب للبحر الميت, كي نستمتع بالماء.. لا أتذكر أني سبحت فيه, ولكننا كنا نذهب للإستمتاع بأحاديث عزام, فهو يروي لك عن السائحات المتحمسات.. يروي لك كيف سقطت (هيلدا) الأسترالية, وكيف خافت (ايفيت) الفرنسية..وذات مرة أخبرنا بأن فتاة من (لوكسمبورغ) وقعت في غرامه, وأنا أردت منه أن يحدد غرامه أم غرام الجمل؟

حين كنت أشاهد عزام أتذكر صباح فخري وأغنيته: (ولما أناخوا قبيل الصبح عيسهم.. وحملوها وسارت في الدجى الإبل).. أتذكر حجم الحنين للناقة في الشعر العربي, وكم أخذت مساحات من روايات العرب, في الحب والرحلة والألم.. وكم من شاعر نذر قصائده للقافلة وشكا للإبل حملها الحبيبة والرحيل.. لكن الغريب مع عزام, أني كنت أعرف كيف (ينيخ) الجمل..فأنت حين تريد ذلك عليك أن تشد الحبل المربوط برأسه (الرسن), عليك أن تضرب بالعصاة على رقبته, هنالك بعض الأمور يجب أن يؤديها صاحب الجمل حتى (ينوخ) ويتمكن من امتطائه, لكن في حالة عزام كان الأمر مختلفاً..

كان الجمل كلما شاهد سائحة (برك) من تلقاء نفسه, تلك المرة الأولى التي أشاهد فيها (جملا) أوتوماتيك..عزام لم يكن يحتاج لا لشد (الرسن) ولا لضرب جمله على (الرقبة), الجمل كان عاشقا ولها..وتغويه الصبايا, لهذا كان عزام يتعب مع جمله, كل أصحاب الجمال (تبرك) جمالهم بعد إجبارها على ذلك, إلا عزام فهو كان يتعب مع جمله..لأجل أن يجعله ينهض..فهنالك على زاوية بعيدة من الشاطئ, تجمع سياح أتوا للتو.. وعليه أن يلحق الركب.

مرالزمن, وصداقتي مع عزام تتجذر, وصداقتي مع الجمل تتجذر أكثر.. وحالات الحب التي يعيشها عزام مع السائحات, هي الأخرى تتشعب أكثر.. والجمل صار من تلقاء نفسه يذهب للسائحات (ويبرك)..

ذات يوم, وجدنا عزام وحيدا..على الشاطئ من دون (الجمل), كان (يكزدر) على الرمل وكأنه ينتظرنا هذا الخميس..وحين سألناه, أخبرنا بأن الجمل قد تعرض (لوابل) كثيف من الرصاص.. فقد (هاج), وعرض سلامة السياح للخطر مما حدا بأصحاب الاستراحة إلى إطلاق النار عليه.. وبكى الفتى, يبدو أن الجمل لهول ما شاهد وما حمل من سائحات.. فقد صوابه.. وأخطر ما في الجمال هو (الهيجان) وذاك الزبد الذي تخرجه من الفم..

منذ أكثر من عشرين عاما وما زال (جمل) عزام عالقا في ذاكرتي, كان جملا عاشقا (ينوخ) من تلقاء نفسه..كلما شاهد سائحة..

وبماذا نختلف عن جملك يا عزام؟ لاشيء.. هذه الأمة إن ناخت وإن هاجت فالمصير واحد.. كم اشتقت لعزام.

[email protected]
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF