عبدالهادي راجي المجالي
حسنا ..الحكومة الحالية تعاطت مع أزمة المحامين بذكاء, لم يترك الرئيس الملف لوزير أو موظف، هو تسلمه ووصل لحالة إطفاء الأزمة ..المحامون أيضا تعاطوا مع القصة بمنطقية وعقلانية, لم يصعدوا ولم يحتجوا ولم يخرجوا للشوارع ..وفتحوا الباب لتقبل كل الاراء وخاضوا حوارا منطقيا ..كان الممكن لو أن الحكومة تخندقت حول قوانين الدفاع ورأيها.. أن نصل لمرحلة تصعيد خطيرة, لكن ثمة من يقرأ المشهد.. وهنالك في الطرف الاخر من يتفهم..
الرئيس يوم الجمعة, يمضيه في الإتصالات مع الناس, مع بعض القوى الحزبية... مع القوى العشائرية, ويحاورهم في الشأن العام.. وبحسب علمي ينتقل كادر مكتبه معه يوم الجمعة إلى المنزل, وهنالك يبدأ بفتح الملفات.. والاطمئنان على المشهد عبر الاستماع للناس, ويستقبل بعضهم في منزله..
والرئيس الحالي يرد على رسائل (الواتسأب) بنفسه, ويقرأ المواقع الإخبارية بنفسه.. والصحف أيضا, ويتابع نشرات الأخبار..وما زالت الأريكة التي يجلس عليها حين كان موظفا في الخارجية هي ذاتها, والستائر لم تتغير, والإنارة لم تتبدل.. وسجاد البيت لم يركن في مخزن قديم ويستبدل بسجاد فاخر.
ربطة العنق الحمراء التي حضر بها افتتاج مجلس الأمة, هي ذاتها ربطة العنق التي أدى فيها القسم حين أصبح سفيرا في مصر, لم يتغير في المشهد شيء.. لم يسكن في (فيلا) جديدة.. ولم تتقاطر محلات الأثاث ولا محلات الألبسة, لتقديم (الكنب) الأميركي.. والبدلات الفاخرة لمنزله..
حسنا هذا مشهد يريحك للان, وهو مشهد الزهد الذي نحبه.. لهذا علينا أن نحفز تلك الحالة وندعمها..
بعيدا عن كل ذلك, لكن هذه التفاصيل مهمة.. فهي ربما لم تتوفر في غيره, ويجب ذكرها والأهم من كل ذلك.. أنك أمام مشروع واضح في الهوية وملامح الدولة.. لا يوجد في خطاب الحكومة حديث عن عقود اجتماعية, ولا ثورات تكنولوجية رابعة.. ولا خصخصة وشفافية ..والرئيس ليس لديه صفحة على «الفيسبوك», ولا يسجل (فيديوهات) ويبثها.. عبر «السوشيال ميديا», وهو ليس شغوفا بتلك القصة..
سأختصر القصة, في القرى الأردنية ..وحين تقف أمام فرن يسألك (الخباز): (بدك خبز قمح ولا افرنجي).. وخبز القمح هو عبارة عن المنتج المحلي في الأردن وفلسطين يخبز بطريقة خاصة وله طعم مميز ..ويأكل بطريقة (الغماس)، وهو أغلى من الخبز الفرنجي!..
[email protected]