خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

أبو نورا

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
عبدالهادي راجي المجالي ماذا صدرت لنا السعودية.. التمر والنفط !.. التمر يستهلك ويؤكل والنفط يحرق عند تشغيل محركات السيارات, باعتقادي أهم ما صدرته السعودية لنا في منتصف الثمانينات ونهاية السبعينات كان (محمد عبده), بالنسبة لي كانت أغنية (يوم اقبلت صوت لها جرحي القديم).. أهم من النفط, لأنه سلعة أنت من يتحكم بحرقها, لكن محمد عبده هو الذي كان يشعل قلوبنا بالعشق, ويحرق الصدر..

كان شريط (الكاسيت) الأبيض الذي نتداوله بيننا, نحن المراهقون المبتلون بالحب مهماً جداً.. فحين تجلس على باب الدار مزهوا بقميصك الأحمر, وتعبر ليلى بمريولها الأخضر عائدة.. من المدرسة, تتذكر الألوية الحمراء التي أشغلت الدنيا في إيطاليا نهاية السبعينات.. وتعرف أن المدارس كانت تصدر الألوية السمراء, التي تغتالك دون رصاص.. ومع الصفوف التي تعبر من هذه الألوية, تعبر ليلى.. ويداهمك محمد عبده وتغني على وقع خطاها: (يوم اقبلت صوت لها جرحي القديم..وعيونها عين المحتني وشهقت عين وبكت يا فرحتي)..

محمد عبده لم يكن مغنياً, وإنما كان جزءاً أصيلاً ومهماً من الشخصية السعودية, التي تمسكت بالتراث.. تمسكت بالنخل والصحراء, بالرحلة الطويلة ونجد.. بقافلة الجمال.. لقد أصر هذا الرجل أن يثبت نظرية مهمة في الفن وهي: (أن العالمية تبدأ من قاع الخصوصية)..

هل شاهدتم محمد عبده يوماً يغني باللبنانية أو المصرية, مثلاً هل غنى يوماً أغنية تحتوي على جملة (جرصوني دمعاتي), أو (مئلتليش بحبك أد إيه).. أو تخيلوا مثلاً أن يطلق أغنية تقول كلماتها: (مرتي حلوة ما بطلئها)..؟

أنا لا أتحدث عن فنان, ولكني أتحدث عن الشخصية السعودية والهوية الوطنية التي ترجمت عبر الفن, وكان محمد عبده خير مثال على ذلك, فقد ظل متمسكاً بالموروث وطوره دون انقلاب عليه, وأغلب ما غناه كان لشعراء من السعودية.. ومن النادر أن يقوم محمد عبده بخلع المايكريفون من مكانه, ويمارس الدبكة.. أو يكسدر على (الستيج) ظل محافظاً على صرامة وهوية الفن, الذي يعكس.. عشق الإنسان السعودي, وتعبه مع الصحراء.. وحجم العشق في قلبه..

نحن الآن نحتفل بمئوية الدولة الأردنية, وأكبر تعبيرات الهوية هي الفن..والمنتج الثقافي والأدبي والروائي والشعر, للأسف لدينا وزارة الثقافة, مازالت هي الأقل ميزانية..واخر وزارة ينتبهون لها في أي تشكيل.. بالمقابل محمد عبده كان وزارة خارجية كاملة.. حين صدر الإحساس السعودي قبل التراث.. وحين أقام في قلب كل عاشق عربي سفارة لنجد وللنخيل وللقوافل ولنجم سهيل..

حين كبرت اكتشفت أني صرت أشجع المنتخب السعودي, وأطلب المنتجات السعودية من العصائر في رمضان, وأوصي أصدقائي الذين يذهبون للعمرة أن يحضروا معهم الشماغ السعودي.. وصرت أحب البرنامج السعودي الساخر (طاش ما طاش).. ليس لأني منحاز لهذا البلد, بل لأن محمد عبده في طفولتي أسس في قلبي مكاناً لنجد والحب.. وأسس مكاناً للنخل وللرياض.. أسس الهوية السعودية.

[email protected]
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF